حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) [فاطر : ٦] ، وإنى قد بعثت خالد بن الوليد فى جيش من المهاجرين الأولين من قريش والأنصار وغيرهم ، وأمرته أن لا يقاتل أحدا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله ، فمن دخل فى دين الله وتاب إلى الله ورجع عن معصية الله إلى ما كان يقر به من دين الله وعمل صالحا قبل ذلك منه ، وأعانه عليه ، ومن أبى أن يرجع إلى الإسلام بعد أن يدعوه بداعية الله ويعذر إليه بعاذرة الله ، أن يقاتل من قاتله على ذلك أشد القتال بنفسه ومن معه من أنصار دين الله وأعوانه ، ثم لا يبقى على أحد بعد أن يعذر إليه ، وأن يحرقهم بالنار ، ويسبى الذرارى والنساء ، وأمرته أن لا يقبل من أحد شيئا إلا الرجوع إلى دين الله ، وشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وقد أمرته أن يقرأ على الناس كتابى إليهم فى كل مجمع وجماعة ، فمن اتبعه فهو خير له ، ومن تركه فهو شر له.
وعن عروة بن الزبير ، قال : جعل أبو بكر رضياللهعنه ، يوصى خالد بن الوليد ويقول : يا خالد ، عليك بتقوى الله ، والرفق بمن معك من رعيتك ، فإن معك أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أهل السابقة من المهاجرين والأنصار ، فشاوروهم فيما نزل بك ، ثم لا تخالفهم ، وقدم أمامك الطلائع ترتاد لك المنازل ، وسر فى أصحابك على تعبئة جيدة ، فإذا لقيت أسدا وغطفان فبعضهم لك وبعضهم عليك ، وبعضهم لا عليك ولا لك ، متربص دائرة السوء ، ينظر لمن تكون الدبرة ، فيميل مع من تكون له الغلبة ، ولكن الخوف عندى من أهل اليمامة ، فاستعن بالله على قتالهم ، فإنه بلغنى أنهم رجعوا بأسرهم ، وإن كفاك الله الضاحية فامض إلى أهل اليمامة ، فإنك تلقى عدوا كلهم عليك ، لهم بلاد منكرة ، فلا تؤتى إلا من مفازة ، فارفق بجيشك فى تلك المفازة ، فإن فى جيشك قوما أهل ضعف ، أرجو أن تنصر بهم حتى تدخل بلادهم إن شاء الله تعالى.
فإذا دخلت بلادهم فالحذر الحذر إذا لقيت القوم فقاتلهم بالسلاح الذي يقاتلونك به ، السهم للسهم ، والرمح للرمح ، والسيف للسيف ، فإن أعطاك الله الظفر عليهم ، فأقل البقيا عليهم إن شاء الله تعالى ، وإياك أن تلقانى غدا بما يضيق صدرى به منك ، اسمع عهدى ووصيتي ، لا تغيرن على دار سمعت فيها أذانا حتى تعلم ما هم عليه ، وإياك وقتل من صلى ، واعلم يا خالد أن الله يعلم من سريرتك ما يعلم من علانيتك ، واعلم أن رعيتك إنما تعمل بما تراك تعمل ، كف عليك أطرافك ، وتعاهد جيشك ، وانههم عما لا يصلح لهم ، فإنما تقاتلون من تقاتلون بأعمالكم ، وبهذا نرجو لكم النصر على أعدائكم ، سر على بركة الله تعالى.