ولا فى الارتحال من مكان ، واستوص بمن معك من الأنصار خيرا فى حسن صحبتهم ، ولين القول لهم ، فإن فيهم ضيقا ومرارة وزعارة ، ولهم حق وفضيلة وسابقة ووصية من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ويروى أن أبا بكر رحمهالله ، كتب مع هذا الكتاب كتابا آخر إلى عامة الناس ، وأمر خالدا أن يقرأه عليهم فى كل مجمع ، وهو : بسم الله الرحمن الرحيم ، من أبى بكر خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى من بلغه كتابى هذا من عامة أو خاصة ، تاما على إسلامه أو راجعا عنه ، سلام على من اتبع الهدى ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والعمى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبد ورسوله ، الهادى غير المضل ، أرسله بالحق من عنده إلى خلقه بشيرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، لينذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين ، فهدى الله بالحق من أجاب إليه ، وضرب بالحق من أدبر عنه حتى صاروا إلى الإسلام طوعا وكرها ، ثم أدرك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عند ذلك أجله الذي قضى الله عليه وعلى المؤمنين ، فتوفاه الله ، وقد كان بين له ذلك ولأهل الإسلام فى الكتاب الذي أنزل عليه ، فقال له : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠] ، وقال : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء : ٣٤ ، ٣٥] ، وقال للمؤمنين : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران : ١٤٤] ، فمن كان إنما يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ، صلوات الله عليه ، ومن كان إنما يعبد الله وحده لا شريك له ، فإن الله بالمرصاد ، حى قيوم لا يموت ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، حافظ لأمره ، منتقم من عدوه ، وإنى أوصيكم أيها الناس بتقوى الله ، وأحضكم على حظكم ونصيبكم من الله وما جاءكم به نبيكم محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأن تهتدوا بهدى الله ، وتعتصموا بدين الله ، فإن كل من لم يحفظه الله ضائع ، وكل من لم يصدقه الله كاذب ، وكل من لم يسعده الله شقى ، وكل من لم يرزقه الله محروم ، وكل من لم ينصره الله مخذول ، فاهتدوا بهدى الله ربكم وما جاءكم به نبيكم محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإنه : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الكهف : ١٧] ، وإنه قد بلغنى رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أن أقر بالإسلام وعمل به ، اغترارا بالله وجهالة بأمر الله ، وطاعة للشيطان ، (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا