خالد بن الوليد ، حين بعثه فيمن بعثه من المهاجرين والأنصار ، ومن معهم من غيرهم لقتال من رجع عن الإسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عهد إليه وأمره أن يتقى الله ما استطاع فى أمره كله ، علانيته وسره ، وأمره بالجد فى أمر الله والمجاهدة لمن تولى عنه إلى غيره ورجع عن الإسلام إلى ضلالة الجاهلية وأمانى الشيطان.
وعهد إليه وأمره أن لا يقاتل قوما حتى يعذر إليهم ويدعوهم إلى الإسلام ، ويبين لهم الذي لهم فى الإسلام والذي عليهم فيه ، ويحرص على هداهم ، فمن أجابه إلى ما دعاه إليه من الناس كلهم ، أحمرهم وأسودهم ، قبل منه ، وليعذر إلى من دعاه بالمعروف وبالسيف ، فإنما يقاتل من كفر بالله على الإيمان بالله ، فإذا أجاب المدعو إلى الإيمان ، وصدق إيمانه ، لم يكن عليه سبيل ، وكان الله حسيبه بعد فى عمله ، ومن لم يجبه إلى ما دعا إليه من دعائه الإسلام ، ممن رجع عن الإسلام بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أن يقاتل أولئك بمن معه من المهاجرين والأنصار ، حيث كانوا ، وحيث بلغ مراغمه ، ثم يقتل من قدر عليه من أولئك ، ولا يقبل من أحد شيئا دعاه إليه ولا أعطاه إياه الإسلام والدخول فيه والصبر به وعليه وشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله.
وأمره أن يمضى بمن معه من المسلمين حتى يقدم اليمامة فيبدأ ببنى حنيفة ومسيلمتهم الكذاب ، فيدعوهم ويدعوه إلى الإسلام ، وينصح لهم فى الدين ، ويحرص على هداهم ، فإن أجابوا إلى ما دعاهم إليه من دعاية الإسلام قبل منهم ، وكتب بذلك إلى ، وأقام بين أظهرهم حتى يأتيه أمرى ، وإن هم لم يجيبوا ولم يرجعوا عن كفرهم واتباع كذابهم على كذبه على الله عزوجل ، قاتلهم أشد القتال بنفسه وبمن معه ، فإن الله ناصر دينه ومظهره على الدين كله ، كما قضى فى كتابه ولو كره الكافرون ، فإن أظهره الله عليهم إن شاء الله وأمكنه منهم فليقتلهم بالسلاح ، وليحرقهم بالنار ، ولا يستبق منهم أحدا قدر على أن يستبقيه ، وليقسم أموالهم وما أفاء الله عليه وعلى المسلمين إلا خمسه ، فليرسل به إلى أضعه حيث أمر الله به أن يوضع إن شاء الله.
وعهد إليه أن لا يكون فى أصحابه فشل من رأيهم ولا عجلة عن الحق إلى غيره ، ولا يدخل فيهم حشو من الناس حتى يعرفهم ويعرف ممن هم ، وعلام اتبعوه وقاتلوا معه ، فإنى أخشى أن يدخل معكم ناس يتعوذون بكم ليسوا منكم ولا على دينكم ، فيكونون عيونا عليكم ، ويتحفظون من الناس بمكانهم معكم ، وأنا أخشى أن يكون ذلك فى الأعراب وجفاتهم ، فلا يكونن من أولئك فى أصحابك أحد إن شاء الله تعالى ، وارفق بالمسلمين فى سيرهم ومنازلهم ، وتفقدهم ، ولا تعجل بعض الناس عن بعض فى المسير