نفسه وماله إلى أن يبلغ أبا بكر ، لا أدع من عين ماله شيئا يخف حمله معه إلا سار به ، وأحول بينه وبين ما هاهنا مما لا يطيق حمله ، حتى يأتى رأى أبى بكر فيه ، فأمنه زياد على أن يبعث به وبأهله وبماله إلى أبى بكر رضياللهعنه ، فيحكم فيه بما يرى.
وفتحوا له النجير ، فأخرجوا المقاتلة ، فعمد زياد إلى أشرافهم وهم سبعمائة فضرب أعناقهم على دم واحد ، ولام القوم الأشعث ، فقالوا لزياد : غدر بنا فأخذ الأمان لنفسه وأهله ، ولم يأخذ لنا ، وإنما نزل على أن يأخذ لنا جميعا ، فنزلنا ونحن آمنون ، فقتلنا. فقال زياد : ما أمنتكم ، فقالوا : صدقت ، خدعنا الأشعث.
قال الواقدى : وقد ذكروا فى فتح النجير وجها آخر عن أبى مغيث ، قال : كنت فيمن حضر أهل النجير ، فصالح الأشعث زيادا على أن يؤمن من أهل النجير سبعين رجلا ، ففعل ، فنزل سبعون رجلا ونزل معهم الأشعث ، فكانوا أحدا وسبعين ، فقال زياد : أقتلك ، لم يكن لك أمان ، فقال الأشعث : تؤمننى على أن أقدم على أبى بكر فيرى فىّ رأيه ، فآمنه على ذلك ، والقول الأول أثبت.
وبعث أبو بكر نهيك بن أوس بن [حزمة] (١) إلى زياد بن لبيد يقول : إن ظفرت بأهل النجير فاستبقهم ، فقدم عليه ليلا وقد قتل منهم فى أول النهار سبعمائة فى صعيد واحد ، قال نهيك : فما هو إلا أن رأيتهم فشبهت بهم قتلى بنى قريظة يوم قتلهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأبى زياد أن يوارى جثثهم ، وتركهم للسباع ، فكان هذا أشد على من بقى من القتل ، وهرب أهل الردة فى كل وجه ، وكان لا يؤخذ منهم إنسان إلا قتل.
ثم بعث زياد بالسبى مع نهيك ، وبعث معه ثمانين رجلا من قتيرة ، وبعث بالأشعث معهم فى وثاق.
قال عبد الرحمن بن الحويرث : رأيته يوم قدم به المدينة فى حديد ، مجموعة يداه إلى عنقه.
ونزل نهيك بالسبى فى دار رملة بنت الحارث ، ومعهم الأشعث بن قيس ، ولما كلمه أبو بكر جعل يقول : يا خليفة رسول الله ، والله ما كفرت بعد إسلامى ، ولكنى شححت على مالى ، فقال أبو بكر : ألست الذي يقول : قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد ، وأبو بكر يبعث إلينا الجيوش ونحن أقصى العرب دارا؟ فرد عليك من هو
__________________
(١) ما بين المعقوفتين كذا فى الأصل ، وفى الاستيعاب الترجمة رقم (٢٦٦٧) : «نهيك بن أوس بن خزمة». وانظر ترجمته فى : الإصابة (٨٨٣٩) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٥٣١٠).