ناحية مما يليهم وقطع خالد ومن معه أغلاق الباب بالسيوف ، وفتحوا للمسلمين ، فأقبلوا عليهم من داخل حتى ما بقى مما يلى باب خالد مقاتل إلا أنيم.
ولما شد خالد على من يليه ، وبلغ منهم الذي أراد عنوة أرز من أفلت إلى أهل الأبواب التي كان يليها غير خالد ، وقد كان المسلمون دعوهم إلى المشاطرة فأبوا وأبعدوا ، فلم يفجأهم إلا وهم يبوحون لهم بالصلح ، فأجابهم المسلمون وقبلوا منهم ، ففتحوا لهم الأبواب ، وقالوا : ادخلوا وامنعونا من أهل ذلك الباب ، فدخل أهل كل باب بصلح مما يليهم ، ودخل خالد مما يليه عنوة ، فالتقى خالد والقواد فى أوساطها ، هذا استعراضا وانتهابا ، وهذا صالحا وتسكينا ، فأجروا ناحية خالد مجرى الصلح ، فصار كل ذلك صالحا ، وكان صلح دمشق على مقاسمة الديار والعقار ، ودينار على كل رأس ، وعلى جريب من كل حرث أرض ، واقتسموا الأسلاب ، فكان أصحاب خالد فيها كأصحاب سائر القواد ، ووقف ما كان للملوك ومن صوب معهم فيئا ، وقسموا لذى الكلاع ومن معه ، ولأبى الأعور ومن معه ، وبعثوا بالبشارة إلى عمر.
وقدم على أبى عبيدة كتاب عمر : أن اصرف جند العراق إلى العراق ، وأمرهم بالحث إلى سعد بن مالك. فأمر عليهم أبو عبيدة هاشم بن عتبة ، وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو ، وعلى مجنبتيه عمرو بن مالك الزهرى ، وربعى بن عامر ، وخرج هاشم نحو العراق فى جند العراق ، وكانوا عشرة آلاف إلا من أصيب منهم فأتموهم بأناس ممن لم يكن منهم ، كقيس والأشطر ، وخرج القواد نحو فحل ، وخرج علقمة ومسروق إلى إيلياء ، فنزلا على طريقها ، وبقى بدمشق مع يزيد بن أبى سفيان من قواد أهل اليمن عدد ، وبعث يزيد ، دحية بن خليفة الكلبى فى خيل بعد فتح دمشق إلى تدمر ، وأبا الزهراء القشيرى إلى البثنية وحوران ، فصالحوهما على صلح دمشق ، ووليا القيام على فتح ما بعثا إليه (١).
وكان الذي سار على الناس نحو فحل شرحبيل بن حسنة ، على ما ذكره سيف عن أشياخه ، قالوا : وبعث خالدا على المقدمة ، وأبا عبيدة وعمرا على مجنبتيه ، وعلى الخيل ضرار بن الأزور ، وعلى الرجال عياض ، وكرهوا أن يصمدوا لهرقل ، وخلفهم من الروم ثمانون ألفا بإزاء فحل ينظرون إليهم ، فلما انتهوا إلى أبى الأعور قدموه إلى طبرية ، فحاصرها ونزلوا هم على فحل من أرض الأردن ، وقد كان أهلها حين نزل بهم أبو الأعور تركوها وأرزوا إلى بيسان وجعلوا بينهم وبين المسلمين تلك المياه والأوحال ،
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبرى (٣ / ٤٣٨).