فلما كشفنا البرد عن حر وجهه |
|
إذا الأمر بالجدع الموعب قد وقع |
فلم تك لى عند المصيبة حلية |
|
أرد بها أهل الشماتة والقذع |
سوى إذن الله الذي فى كتابه |
|
وما أذن الله العباد به يقع |
وقد قلت من بعد المقالة قولة |
|
لها فى حلوق الشامتين به بشع |
ألا إنما كان النبيّ محمد |
|
إلى أجل وافى به الموت فانقطع |
ندين على العلات منا بدينه |
|
ونعطى الذي أعطى ونمنع ما منع |
ووليت محزونا بعين سخينة |
|
أكفكف دمعى والفؤاد قد انصدع |
وقلت لعينى كل دمع ذخرته |
|
فجودى به إن الشجى له دفع |
وذكر ابن إسحاق (١) بإسناد يرفعه إلى عبد الله بن عباس قال : إنى لأمشى مع عمر فى خلافته وهو عامد إلى حاجة له ، وفى يده الدرة ما معه غيرى ، وهو يحدث نفسه ويضرب وخشى قدمه بدرته ، إذ التفت إلى فقال : يا ابن عباس ، هل تدرى ما حملنى على مقالتى التي قلت حين توفى الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : قلت : لا أدرى يا أمير المؤمنين ؛ أنت أعلم. قال : فإنه والله ، إن حملنى على ذلك إلا أنى كنت أقرأ هذه الآية : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [١٤٣ : البقرة] ، فو الله إن كنت لأظن أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سيبقى فى أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها ، فإنه للذى حملنى على أن قلت ما قلت (٢).
وذكر موسى بن عقبة أن المقام الذي قام به أبو بكر رضياللهعنه بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبعد الذي كان من عمر من القول هو أنه خرج سريعا إلى المسجد من بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتوطأ رقاب الناس حتى جاء المنبر وعمر يكلم الناس ويوعد من زعم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مات ، فجلس عمر حين رأى أبا بكر مقبلا ، فقام أبو بكر على المنبر فنادى الناس أن اجلسوا وأنصتوا ، فتشهد بشهادة الحق ، ثم قال : إن الله قد نعى نبيكم لنفسه وهو حى بين أظهركم ، ونعى لكم أنفسكم ، فهو الموت حتى لا يبقى أحد إلا الله ، يقول الله عزوجل : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [١٤٤ : آل عمران].
وقال : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [٣٠ : الزمر]
__________________
(١) انظر : السيرة (٤ / ٢٨٦).
(٢) أخرجه الطبرى فى تاريخه (٢ / ٢٣٨).