فهذا ما تيسر لنا ذكره من مراثى الشعراء فى سيد المرسلين وخاتم الأنبياء. وبقى علينا منها كثير تخطيناه ، إما لتخطى الاختيار له والانتقاء ، وإما لقصد الاختصار والاكتفاء ، وأكثر الشعراء أفحمتهم المصيبة القاصمة للظهور ، الرزية المتجددة على بلى الأزمان وتجدد الدهور ، عن أن يفوهوا فى ذلك ببنت شفة أو يفوا بما يناسب ذلك الكرب العظيم والخطب الجسيم من صفة متصفة ، وأولئك أولى الناس بالمعذرة ، وأحقهم بالتجاوز عن مقصدهم المقصرة ، فمصاب المسلمين به عليه أفضل الصلاة والسلام أعظم من أن تؤدى حقيقته سعة الكلام ، أو تستقل أساليب القول المتشعبة ومنادح العبارات المتطنبة المهذبة بأيسر جزء من مآثره الكرام ومحاسنه العظام ، أو تفى الألفاظ على اتساعها وتعدد ضروبها وأنواعها بشرح ما يتحمل فيه القلوب المؤمنة من برح الآلام ، والإعراب عن قدر مصيبة فقده على الإسلام ، فجزاه الله عن نهجه لنا السبيل إلى دار السلام أفضل ما أعده من الجزاء لأنبيائه المختصين من عنايته بشرف الاجتباء والاصطفاء دون الأنام ، وأدر عليه وعليهم من سحب الرحمة والبركات والسلام والصلوات ما يزرى بهطال الديم وواكف الغمام.
وهنا انتهى ما يختص من هذا المجموع بمغازى نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم وذكر أيامه وكافة أمره إلى حين وفاته.
ونشرع الآن فى صلة ذلك بمغازى خلفائه الثلاثة الأول رضى الله عن جميعهم على نحو ما علمنا به فى مغازى من قصد التهذيب ، وبذل الجهد فى حسن الترتيب ، وربنا الكريم جلت قدرته نعم الوكيل بالمعونة على ذلك ، لا حول ولا قوة إلا به ، هو حسبى لا إله إلا هو ، عليه توكلت وإليه أنيب.