فإذا كان النبي «صلىاللهعليهوآله» يوجه الناس إلى التبرك ، فهو يوجههم إلى طلب الفاقد للنماء والزيادة من الواجد ، من خلال الإقتراب منه والإتصال به ..
والله هو مصدر الفيض لكل هذا الوجود وما فيه ، فالإتصال به ولو بمستوى الإتصال الشكلي أو الرمزي ، أو الروحي بصفيّه ونبيه ، بإظهار الحب ، وبالتعبير عن القناعة الوجدانية ـ إن هذا الإتصال من موجبات النماء والزيادة ، ويهيء لهذا الفيض ، الذي هو مرهون باستجلاب الرضا والمحبة والفوز بالعناية والرعاية ، والمنح والألطاف ..
وبذلك نعرف : أن التبرك معناه : الشعور بالحاجة والنقص والضعف ، أو بالحاجة إلى الإنتقال من حسن إلى أحسن ، ومن مرحلة إلى مرحلة أسمى منها ..
كما أنه يعني : بلورة إرادة التكامل والتسامي ، والخروج من هذا الواقع إلى ما هو أفضل منه وأمثل.
كما أن التبرك ينتهي بالإنسان إلى الدخول في آفاق الرحمة الإلهية ، والإنطلاق في رحابها ، بعد أن يكون الإنسان قد حرر نفسه من كل قيد يشده إلى الأرض ، ومن كل عبودية وبعد أن يملك قراره ، وحريته ، واختياره ..
ثم هو يعني : الشعور بالقوة ، وبالغنى عن الخلق ، والتخلي عن الأنا ، والإبتعاد عن الغرور والعنجهية.
وهو أخيرا : يدفع الإنسان إلى مراقبة نفسه ، وتهذيبها ، ورسم ملامحها وفق ما يرضي من يسعى لنيل رضاه ، ويرى في ذلك غاية الفوز بمبتغاه ..