تنصيب علي في مقام الإمامة ، بما أثاروه من صخب وضجيج ، كان لا بد لهم من التوجه نحو محاولة غسل هذا العار عنهم ، ولو بادعاء أنها مجرد غلطة صدرت ، وقد ندم مرتكبوها على ما فرط منهم ، وقد يدّعون : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد عفا عنهم وسامحهم. ثم قرّبهم إليه حتى جعلهم موضع سره ، وأوقفهم على ما دبره وقرره ..
وقد يدّعون أيضا : أنه أعلمهم بأن ما أراد النبي «صلىاللهعليهوآله» بيانه في عرفات وسواها لم يكن هو ولاية وإمامة علي «عليهالسلام». إلى غير ذلك مما قد يكون سببا في بلبلة الأفكار ، الذي قد يسهم في تضييع الحق ..
فجاء التخطيط النبوي الحكيم ليقضي ، بأن يخرج النبي «صلىاللهعليهوآله» من مكة فور انتهاء مراسم الحج مباشرة ، ومن دون إبطاء أو تفريط ولو بساعة ، بل دقيقة واحدة من الوقت ، فنفر في اليوم الثالث عشر من منى بعد الزوال (١). ولم يطف بالبيت ، ولا زاره كما أسلفناه (٢). وإن كانت بعض
__________________
(١) السيرة الحلبية (ط سنة ١٣٩١ ه) ج ٣ ص ٣٠٦ و (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٣٣٣ والمجموع ج ٤ ص ٣٦٣ وج ٨ ص ٢٤٩ وتحفة الأحوذي ج ٣ ص ٩٠ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٣ ص ١٤٩.
(٢) راجع : البحار ج ٢١ ص ٣٩٣ والحدائق الناضرة ج ١٤ ص ٣١٩ والكافي ج ٤ ص ٢٤٨ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١١ ص ٢١٧ و (ط دار الإسلامية) ج ٨ ص ١٥٣ وجامع أحاديث الشيعة ج ١٠ ص ٣٥٥ و ٤٥٥ وج ١٢ ص ٢٠٧ وتهذيب الأحكام ج ٥ ص ٤٥٧ ومنتقى الجمان ج ٣ ص ١٢٥.