فإذا كانت من الشيطان فلا يصح أن يتوهموا أن به ذات الجنب ، لأن الشيطان ليس له سلطان على عباد الله الصالحين من المؤمنين ، فكيف بسيد الأنبياء والمرسلين : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) (١) وقال تعالى حكاية لكلام الشيطان : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٢).
وقول ابن حجر العسقلاني : إن ذات الجنب تطلق بإزاء مرضين : الورم الحار الذي يعرض للغشاء المستبطن ، والآخر ريح محتقن بين الأضلاع ، والأول هو المنفي له «صلىاللهعليهوآله» عن نفسه (٣).
لا يحل الإشكال ، لأنه لو كان كذلك .. فقد كان عليه «صلىاللهعليهوآله» : أن يبين أيهما هو المعني بكلامه نفيا وإثباتا .. وكان على الباحثين ذكر ذلك عنه ، وإذا كان كذلك ولم يبين فلا بد أن يحمل كلامه على ما هو المتعارف ، والتفكيك في كلامه يحتاج إلى دليل.
ثم كيف يكون هذا هو المنفي في كلامه مع أنه هو الذي يقولون : إنه مات به كما تقدّم نقله عن المعتزلي؟! ..
خامسا : إذا كان «صلىاللهعليهوآله» مغمى عليه حينما لدّوه كما تقول رواية البخاري ، فما معنى تصريح نفس تلك الرواية بأنه «صلىاللهعليهوآله» يشير إلينا أن لا تلدّوني؟!.
فقلنا : كراهة المريض للدواء.
__________________
(١) الآية ٤٢ من سورة الحجر.
(٢) الآية ٨٣ من سورة ص ، والآية ٤٠ من سورة الحجر.
(٣) فتح الباري ج ٨ ص ١١٢ وج ١٠ ص ١٤٥ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٢٢٨.