٥ ـ واللافت هنا : أن الله سبحانه كان قبل ذلك قد أنزل آيات قرآنية فضحت عائشة ورفيقتها حفصة في أمر مشابه لهذه الحادثة ، أي لإفشائهما سر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وتظاهر هما عليه.
قال تعالى : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (١).
فمطالبتها فاطمة الزهراء «عليهاالسلام» بأن تفشي سر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، يدل على عدم توبتها من هذا الذنب.
٦ ـ إن ما أخبر به النبي «صلىاللهعليهوآله» فاطمة «عليهاالسلام» هو من الغيوب التي اختصها به ، وهو من الأمور التي لا يمكن إدراكها بالعقول ، ولا بالتحليلات ، لأنه أخبرها بوقت موته ، وبوقت موتها أيضا ، ليظهر لعائشة ، ولكل من هو على رأيها : أن الله ورسوله وأهل البيت كانوا يعرفون حتى مثل هذا الأمر ، فكيف بغيره مما دلت عليه قرائن الأحوال ، وأظهرت بواطنه فلتات الألسن ، وسيئات الأقوال والأعمال ، فلا يظن هؤلاء أنهم يتذاكون على الله ورسوله وأهل بيته ، وأن ما يضمرونه ويريدونه يخفى عليهم ، وأنهم تمكنوا من خداعهم ، والتلبيس عليهم ..
__________________
(١) الآيتان ٣ و ٤ من سورة التحريم.