غير أن من الواضح : أن أكثر الجيش ، ربما لم يكن مدركا لما يجري ، وكان يتعامل مع الأمور بعفوية ، وسلامة طوية وانقياد وطاعة ، غير أن المفروض بأعيان القوم ، وزعمائهم أن لا يستسلموا للأمور ببساطة ، بل لا بد أن يتساءلوا عن مبررات هذا التثاقل ، وسير فضونه إن وجدوا أنه لا يملك مبررات تقنعهم ، وسترتفع عقيرتهم بالإعتراض والإدانة ..
ولكننا حين نراجع موقفهم هنا نجد : أنهم لم يرتفع لهم صوت ، رغم شدة وتواصل حثّ النبي «صلىاللهعليهوآله» لهم على المسير ، إلى حد لعن المتخلفين ، بل كان هؤلاء الأعيان والزعماء يشاركون في هذا التثاقل ، ويمعنون فيه .. مما يعني أنه تثاقل قد تفاهموا عليه مع أسامة ، إن لم يكونوا هم الذين جروه إليه ، أو فرضوه عليه ..
ويؤكد هذا الذي نقوله : أن هذا التثاقل ، أو فقل : هذا التمرد على أوامر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد استمر حوالي نصف شهر ..
وحتى حينما لم يجد أسامة بدا من المسير ، تحت وطأة إصرار رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فإنه سار قليلا ، وبمقدار ساعة فقط ، ثم حط رحاله في الجرف على بعد فرسخ واحد من المدينة ، ربما ليبقى جيشه في أجواء ما يجري في المدينة ، وعلى علم بالشائعات عن حياة النبي «صلىاللهعليهوآله» ، التي ربما كانت فئات في المدينة تغذيها ، بالتعاون مع مجموعات في الجيش نفسه.
وكان أسامة يترك الجيش ويدخل المدينة ، ويصر على النبي «صلىاللهعليهوآله» بالتريث ، ويصر عليه النبي «صلىاللهعليهوآله» بالإستعجال ، حتى لقد رجع في اليوم الأخير مرتين كانت الأخيرة منهما برفقة عمر وأبي