حتى بعد اشتداد المرض أيضا ، وقد أكد هذا الإلتزام بلعنه لمن يتخلف. فليس لأحد أن يعتذر عن معصية الأمر الوجوبي من أجل أمر مستحب فهو كمن يترك الحج الواجب ، والصلاة الواجبة ، لأنه أراد أن يزور أحد المؤمنين ، أو لا نشغاله بالتسبيح والتهليل.
ثانيا : لقد كان النبي «صلىاللهعليهوآله» أعرف بالمصالح والمفاسد منهم. فمواصلة حثه لهم على الإسراع بالمسير حتى بعد اشتداد مرضه ، مع علمه بأن صحابته قلقون عليه يدل على أن ما يتوخاه من هذا الإسراع أعظم من مصلحة طمأنتهم على مصيره ، أو مشاركتهم في مراسم دفنه ، أو في توطيد الأمر لمن يتولى الأمر بعده .. فإن هذه الأمور لا تخفى على رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
فكان يجب أن يمتثلوا أمره ، على قاعدة : (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (١). ولا يحق لهم أن يعتبروا رأيهم مقدما على أوامره ، فإن رأيهم ينتهي إلى الحدس والظن ، أما هو فلا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ..
ثالثا : إن حديث الإشفاق ، لا يمكن القبول به ، لأن المعيار هو ما يحكم به العقل ، وتقتضيه الحكمة ، لا ما تدعو إليه العاطفة ، ويسوق إليه الهوى. ألا ترى أن لو كان لإحدى النساء طفل مريض ، وقد وصف له الطبيب دواء مرا ، أن عقلها يحتم عليها أن تسقيه الدواء ، وإن كانت عاطفتها تصدها عن ذلك ، لأنها لا تريد أن تؤذي طفلها بمرارة الدواء ..
رابعا : بالنسبة لنفرة نفوس الشيوخ من الإنقياد إلى الشباب ، نقول :
__________________
(١) الآية ٦٥ من سورة النساء.