محاولة فاشلة ، يقول ذلك النص : «ما له؟ أهجر؟ استفهموه». أو نحو ذلك.
وإنما قلنا : إنها محاولات فاشلة ، لأن معنى : غلبه الوجع لا يختلف عن معنى : إنه يهجر ، إلا أن العبارة الأولى أخف وقعا على السمع ..
والسبب الذي ألجأهم إلى تبديل هذه بتلك ، هو التخفيف من حدة النقد الموجه لقائل هذه الكلمة .. باعتبار أن الهجر ينافي العصمة (١).
ويلا حظ هنا : أنهم حين يصرحون بأن عمر هو قائل هذه الكلمة يبدلون الصيغة ، من صيغة خبرية إلى صيغة إنشاء واستفهام ، أو يقولون : غلبه الوجع. أو نحو ذلك.
وإذا صرحوا بكلمة الهجر ، فإنهم يبهمون اسم القائل.
لكن عددا من أهل السنة ومنهم الخفاجي (٢) قد صرحوا : بأن عمر هو الذي قال : إن الرجل ليهجر.
ثم إن تحريف هذه الكلمة لتصبح بمثابة سؤال عن الحال ، إن كان الأمر قد بلغ بالنبي «صلىاللهعليهوآله» إلى حد الهجر .. لا ينفعهم شيئا ، فإن السؤال عن ذلك يساوق احتمال حصوله له. ولا يصح احتمال ذلك في حق الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، لأنه من موجبات الطعن في عصمتهم ، وفي نبوتهم ، وهو من مظاهر تكذيب النص القرآني الذي يقول عن النبي الأعظم «صلىاللهعليهوآله» :
__________________
(١) مكاتيب الرسول ج ٣ ص ٧٢٣ عن فتح الباري ج ٨ ص ١٠١ وعمدة القاري ج ١٨ ص ٦٢ وفلك النجاة في الإمامة والصلاة لعلي محمد فتح الدين الحنفي ص ١٤٧.
(٢) شرح الشفاء ج ٤ ص ٢٧٨.