الله تعالى قد أكمل دينه بقوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (١) ، وعلم أنه لا تحدث واقعة إلى يوم القيامة ، إلا في كتاب الله تعالى وسنة رسوله «صلىاللهعليهوآله» بيانها ، نصا أو دلالة.
وفي نص رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على جميع ذلك في مرض موته ، مع شدة وعكه ، ما يشق عليه ، فرأى عمر بن الخطاب الإقتصار على ما سبق بيانه نصا ، أو دلالة ، تخفيفا على رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
ولكي لا تزول فضيلة أهل العلم بالإجتهاد في الإستنباط ، وإلحاق الفروع بالأصول ، بما دل الكتاب والسنة عليه.
وفيما سبق من قوله «صلىاللهعليهوآله» : «إذا اجتهد الحاكم فأصاب ، فله أجران. وإذا اجتهد فأخطأ ، فله أجر واحد» دليل على أنه وكل بيان بعض الأحكام إلى اجتهاد العلماء ، وأنه أحرز من أصاب منهم الأجرين الموعودين ، أحدهما : بالإجتهاد ، والآخر : بإصابة العين المطلوبة بما عليها من الدلالة في الكتاب أو السنة.
وأنه أحرز من اجتهد فأخطأ أجرا واحدا باجتهاده ، ورفع إثم الخطأ عنه ، وذلك في أحكام الشريعة التي لم يأت بيانها نصا ، وإنما ورد خفيا.
فأما مسائل الأصول ، فقد ورد بيانها جليا ، فلا عذر لمن خالف بيانه لما فيه من فضيلة العلماء بالإجتهاد ، وإلحاق الفروع بالأصول ، بالدلالة ، مع طلب التخفيف على صاحب الشريعة ، وفي ترك رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الإنكار عليه فيما قال واضح على استصوابه رأيه ، وبالله التوفيق».
__________________
(١) الآية ٣٨ من سورة المائدة.