من الله ، لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).
ثالثا : إنه قد يكون الأمر بالكتابة مشروطا بعدم صدور اتهام من أحد للنبي «صلىاللهعليهوآله» بالهذيان ، أو ما بمعناه ، لأن ذلك يبطل مفعول الكتاب ، ويقلب الأمور رأسا على عقب .. إذ لو كتب الكتاب مع وجود هذه التهمة ، لأوجبت كتابته الخلاف والفتنة ، بدل أن يكون سببا للمصونية من الضلال ..
وقد ظهرت هذه الأحوال في نفس ذلك المجلس ، حيث اختلف الحاضرون وتنازعوا ، فمنهم يقول : قدموا لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ما طلب ليكتب لكم .. ومنهم من يقول : القول ما قال عمر ..
فهل إذا ارتحل النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى الرفيق الأعلى ، سوف يتفق المسلمون ، أم سوف يبقى هناك من يقول : القول ما قال عمر؟!
بل من الذي يضمن لنا تسليم عمر نفسه بمضمون ذلك الكتاب؟!
وإذا كانوا يعصون رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ويخالفون أمر الله له بأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوته «صلىاللهعليهوآله» ، وبأن لا يتنازعوا عنده ، بل يردون الأمر الذي يتنازعون فيه إليه «صلىاللهعليهوآله» لكي يبينه لهم إذا كانوا يفعلون ذلك كله تحت سمع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وبصره ، فهل سيكون موته سببا لاتفاقهم ، وحل نزاعاتهم؟! في حين أن الله تعالى يقول : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (٢).
__________________
(١) الآيتان ٣ و ٤ من سورة النجم.
(٢) الآية ١٤٤ من سورة آل عمران.