وهو في آخر رمق يتهادى بين علي والفضل بن العباس ، حتى قام في المحراب ـ كما ورد في الخبر ـ ثم دخل فمات ارتفاع الضحى.
فجعل يوم صلاته حجة في صرف الأمر إليه ، وقال : أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله في الصلاة.
ولم يحملوا خروج رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لصرفه عنها ، بل لمحافظته على الصلاة مهما أمكن .. فبويع على هذه النكتة التي اتهمها علي «عليهالسلام» على أنها ابتدأت منها.
وكان علي «عليهالسلام» يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا ، ويقول : إنه لم يقل «صلىاللهعليهوآله» : إنكن لصويحبات يوسف إلا إنكارا لهذه الحال ، وغضبا منها ، لأنها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما ، وأنه استدركها بخروجه ، وصرفه عن المحراب ، فلم يجد ذلك ولا أثّر. مع قوة الداعي الذي كان يدعو إلى أبي بكر ، ويمهد له قاعدة الأمر ، وتقرر حاله في نفوس الناس ، ومن اتبعه على ذلك من أعيان المهاجرين والأنصار ..
فقلت له «رحمهالله» : أفتقول أنت : إن عائشة عينت أباها للصلاة ، ورسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يعينه؟!
فقال : أما أنا فلا أقول ذلك ، ولكن عليا كان يقوله ، وتكليفي غير تكليفه. كان حاضرا ، ولم أكن حاضرا .. الخ» (١).
ونقول :
قد أظهرت الفقرة الأخيرة : أن المعتزلي فاجأ اللمعاني بسؤاله ، وربما يكون
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٩ ص ١٩٦ ـ ١٩٨.