أحدهما : الإيمان المستند إلى إدراك العقل ، وقضاء الفطرة بصحة الحقائق التي جاء بها ..
وهذا هو ما كان إيمان أبي طالب ، وحمزة وجعفر ، وخديجة .. و.. و.. مرتكزا إليه وعليه ، فإنهم قد أدركوا صحة ما جاء به رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بعقولهم ، وقضت به فطرتهم ، ولم يحتاجوا إلى إظهار معجزة ، ولا طلبوا من النبي «صلىاللهعليهوآله» ذلك ، خصوصا مع ما صاحب ذلك من معرفة قريبة ، واطلاع مباشر على حياة الرسول «صلىاللهعليهوآله» ، ومزاياه ، وصدقه ، ثم رؤية كرامات الله له ، وألطافه به ، ثم ما حباه به من رعاية وتسديد ، ومن نصر وتأييد ..
وهذا هو إيمان أهل البصائر ، الذين يزنون الأمور بموازين العدل ، ويعطون النصفة من أنفسهم ، وهو ما يفترض بالناس كلهم أن يكونوا عليه ، أو أن يسعوا للوصول إليه ، وأن يلتزموا به ولا يتجاوزوه ..
ولو أن الناس سلكوا هذا النهج لاستغنوا عن طلب الآيات والمعجزات ، خصوصا في ما يرتبط بأمر التوحيد والانقياد لله ، والطاعة ، والعبادة له ، وما يتبع ذلك من تفاصيل تفيد في التعريف بصفات ذاته ، وصفات فعله تبارك وتعالى .. فضلا عن كل ما حدثهم به الله ورسوله مما يرتبط بالعلاقة والرابطة بين الخالق ، ومخلوقاته .. وتدبير شؤون الحياة وفق الحكمة .. وهداية الكائنات كلها ، ورعايتها وتربيتها .. فإن ذلك كله مما تفرض الفطرة السليمة والعقول المستقيمة الخضوع له ، والإيمان به ، وعقد القلب عليه.
فإذا قال لهم الله سبحانه وتعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا