وبعبارة اُخرىٰ : أصلها المحفوظ ، وسنخها الباقي ، وروحها الكامن. ومعلوم أنّه بهذا الوجه مكنون عنده ، فالخلق المفتاق إليها شيئيات ماهياتها ، والأسماء الثلاثة هي التجلّيات عليها ؛ إذ قد مرّ أنّه كما أنّ الوجود باعتبار تعيّن كمالي اسم من الأسماء ، كذلك باعتبار تجلّ فعلي اسم أيضاً.
وإن كنت من المتفطنين لحقيقة الخلق والإيجاد ، وأنّه اختفاء نور الحق تعالىٰ في حجب أسمائه ، وفي حجب صور أسمائه ، وأنَّ مدّة اختفاء النور دورة الخلق ، كما أنّ مدّة ظهور نوره واستتار حجبه دورة الحق وإفنائهم ( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) (١) ، لوسع لك تجويز أن يكون ذلك الاسم أعمّ من الرحمة الصفتية والرحمة الفعلية.
والمكنون منه هو التجلّي اللاهوتي ، أعني : التجلّي في أسمائه وصفاته في المرتبة الواحدية ، والثلاثة الظاهرة ـ التجلّيات الثلاثة المذكورة ـ والاكتنان هنا أشدّ ؛ لأنّه إذا كان الرحمة الفعلية ساقطة الإضافة من صقع الذات ، كان الرحمة الصفتية أوغل في ذلك ؛ لأنّ الصفة أقرب من الفعل.
وقوله عليهالسلام : ( فالظاهر هو الله تبارك وتعالىٰ ) معناه : أنّه لمّا كان الاسم عنواناً للمسمّىٰ وآلة للحاظه ، فالأسماء الثلاثة ظهورات المسمّىٰ ، فهو الظاهر ؛ لأنَّ معنىٰ ( الظّاهر ) ذات له الظهور ، فالذات التي هو ( الله ) ، له الظهورات ، فهو الظاهر بالأسماء.
أو المراد : أن الأسماء الثلاثة ظهورات الاسم المكنون المستأثر لنفسه ، الذي هو عنوان لذاته تعالىٰ عند ذاته ، لكنّه معنون بالنسبة إلىٰ الثلاثة. والدليل علىٰ هذا المراد أنَّ ( الله ) اسم واقع علىٰ الحضرة الواحدية كاللاهوت ، فإنّ معناه : الذات المستجمعة لجميع الصفات والكمالات ، وتلك الحضرة أيضاً مجمع الأسماء والصفات ، ولذا عبّر في حديث الأعرابي (٢) عن النفس اللاهوتية بذات الله العليا.
_____________________________
(١) « المعارج » الآية : ٤. |
(٢) « قرة العيون » للكاشاني ، ص ٣٦٣. |