الممتدة وعوارضها هو الزمان. فهو تعالىٰ ( أوّل الأوّلين ) ؛ إذ منه بدء وجود كل أوّل في السلسلة النزولية ، و ( آخر الآخرين ) ؛ إذ إليه ينتهي كلّ آخر في السلسلة الصعودية ، وليس قبله ولا بعده تعالىٰ شيء ، حتّىٰ يكون هو أوّل الأولين وآخر الآخرين.
وفي ابتداء دعاء الاعتصام ، قال : ( اللهم أنت الأوّل فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دُونك شيء ) (١).
وتحقيق المقام : أنّه تعالىٰ لمّا كان في الاجادة والإفاضة علىٰ أهل مملكته هو المبدأ الأوّل والموجد الأعزّ الأجلّ ، ثم فاض منه الجود إلىٰ العقل الأول ، ومنه إلىٰ العقل الثاني ، ثم منه إلىٰ الثالث حتىٰ العاشر ، ثم منه إلىٰ أهل هذا العالم ، فهؤلاء العقول هم الأولون بعد الحقّ الأوّل تعالىٰ ، ووسائط جوده بالنسبة إلينا في [ النزول ] (٢) ، فهو ( أول الأوّلين ) ، وكذلك في الصعود : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) (٣) من البشرية إلىٰ الملكية ، ومنها إلىٰ العقل الفعّال ، ثم إلىٰ العقول الاُخر ، حتّىٰ العقل الأول ، ومنه إلىٰ الفناء في الحضرة الواحدية ، فهو تعالىٰ ( آخر الآخرين ).
أو بطريق آخر نقول : ثمَّ فاض منه تعالىٰ الجود إلىٰ العقل ، ومنه إلىٰ النفس ، ومنها إلىٰ المثال ، ومنه إلىٰ الأفلاك ، ومنها إلىٰ عالمنا : العناصر الهيولاني.
أو نقول : ثمّ فاض إلىٰ الجبروت ، ثم إلىٰ الملكوت بقسميها ، ثم إلىٰ الناسوت ، وتلك العوالم متطابقة.
وكذا نقول في العود إلىٰ الله تعالىٰ ، كما قال المولوي ؛ رحمهالله في المثنوي :
از جمادى مردم ونامى شدم |
|
وز نما مردم از حيوان سر زدم |
مردم از حيوان وپس آدم شدم |
|
از چه ترسم كى ز هر من كم شدم |
_____________________________
(١) « مصباح المتهجد » ص ٤٨٧. |
(٢) في المخطوط « الزوال ». |
(٣) « فاطر » الآية : ١٠.