الرغبة : تارةً تُستعمل مع « في » ، وهي بمعنىٰ : ميل النفس ، كما هاهنا. وتارةً تُستعمل مع « عن » ، وهي بمعنىٰ : الزهد وعدم الميل ، كما في قوله تعالىٰ : ( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ) (١) ، وقوله صلىاللهعليهوآله ( ومَن رغب عن سنّتي فليس مني ) (٢). والهاء فيها لتأنيث المصدر.
وفي الحديث : ( لا تجتمع الرغبة والرهبة في قلب إلّا وجبت له الجنّة ) (٣).
والرغبة : هي السؤال والطلب من الله تعالىٰ ، والرهبة هي الخوف منه تعالىٰ ، والرغبة في الدعاء هي أن تستقبل ببطن كفّيك إلىٰ السماء ، وتستقبل بهما وجهك.
فاعلم أنَّ جميع المتعاقبات في سلسلة الزمان من الجواهر والأعراض مجتمعات في وعاء الدهر ، وجميع ما في الدهور الأربعة منطويات في السرمد ، فجملة الموجودات ثابتة باقية بنحو كمالاتها عنده تعالىٰ ، كما قال : ( مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّـهِ بَاقٍ ) (٤).
فالطالب ينبغي أن يلتمس منه تعالىٰ جميع حوائجه ، وجملة مآربه ومطالبه ولو كان ملح طعامه وبلاغة كلامه ، كما قيل :
كان السؤال للعبيد ديدنا |
|
طول الخطاب للحبيب استُحسنا |
قال لموسىٰ عني اسأل ملحكا |
|
وهكذا سلني شراك نعلكا |
رفع اليدين كِديةً ثم الحذا |
|
للوجه إيماءً للاستحيا خذا |
( اَللَّهُمَّ عَظُمَ سُلْطانَكَ )
انصرف عن المسألة والاستغفار إلىٰ التوصيف ؛ ايماءً إلىٰ أنّه في دعواته
_____________________________
(١) « البقرة » الآية : ١٣٠. |
(٢) « بحار الأنوار » ج ٢٢ ، ص ١٢٤ ؛ ج ٦٧ ، ص ١١٦. |
(٣) « الفقيه » ج ١ ، ص ١٣٥ ، ح ٦٣٢ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٤٧٧ ، أبواب أفعال الصلاة ، ب ٣ ، ح ٣.
(٤) « النحل » الآية : ٩٦.