وقالوا : مررت بمال كثير ، ومررت بالمال ، كما تقول : هذا ماش وهذا داع" فإذا وقف على ذلك" فمنهم من ينصب لأنه لا يتكلم بالكسرة".
فيقول : هذا ماش وهذا داع ومنهم من يميل ، لأن النية فيه الكسر إذا وصل ، فيقول : هذا داع وهذا ماش ، وعلى هذين الوجهين يختلف من يقرأ لأبي عمرو فيما يميله إذا وقف منهم من يقول : (أَصْحابُ النَّارِ)(١) ، فيميل كما يميل في الوصل ، ومنهم من يقول النّار فيفتح.
قال : " وقال ناس : رأيت عمادا ، فأمالوا للإمالة كما أمالوا للكسرة"
يريد أنهم أمالوا الألف التي بعد الدال لإمالة الألف التي بعد الميم لكسرة العين التي قبل الميم ، لأن الإمالة كالكسرة.
قال : " وقوم يقولون : رأيت علما ، ونصبوا عمادا لما لم يكن قبلها ياء ولا كسرة".
يريد أن الألف التي بعد الدال ليس قبلها ياء ولا كسرة ، فصار بمنزلة رأيت عبدا.
قال : " وقال بعض الذين يقولون في السّكت بمال فلا يميلون من عند الله ولزيد مال شبهوه بألف عماد للكسرة التي قبلها ، فهذا أقل من مررت بمالك لأن الكسرة منفصلة".
الإمالة في قولنا من عند الله أنه يجعل الدال المكسورة موصولة بما بعدها فيصير كأنه بالله كلمة ، ويصير بمال من قولنا : لزيد مال كأنه كلمة فيصير كقولنا : مصباح وشملال وما أشبه ذلك ، فلا يحفل بالحرف الساكن فيصير كأنه عماد. ثم قال :
" فهذا أقل من مررت بمالك".
يريد أن الباء المكسورة متصلة بالميم والدال من عند ومن زيد ليست متصلة بما بعدها ، فصارت الإمالة في قولنا بمالك أقوى. وقوله :
" والذين قالوا : من عند الله أكثر لكثرة هذا الحرف في كلامهم".
يعني أكثر من لزيد مال.
" ولم يقولوا ذا مال يريدون ذا التي في هذا ، لأن الألف إذا لم تكن طرفا شبهت بألف فاعل".
__________________
(١) سورة الرعد : ٥