ولك أن تقول ان درهم الصدقة لما لم يكن بعشرة الا من حيث عدم رجوع الدرهم فدرهم القرض ، لما كان يرجع بعينه ، ويرجع ما قابله من الثواب المخصوص بتلك العين ، يكون الباقي ثمانية عشر ، وعلى كل من التقديرين فالمضاعفة حاصلة.
ثم انه ينبغي أن يعلم أن تحقق أصل الثواب في القرض فضلا عن أفضليته على الصدقة انما يكون مع قصد القربة لله سبحانه ، كما في نظائره من الطاعات ، فلو قصد به الأغراض الدنيوية لم يترتب عليه ذلك.
ويدل عليه ما رواه الثقة الجليل على بن إبراهيم القمي في تفسيره بسنده فيه عن حفص (١) قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : الربا رباءان أحدهما حلال ، والأخر حرام ، فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل أخاه قرضا طمعا أن يزيده ، ويعوضه بأكثر مما يأخذه من غير شرط بينهما ، فإن أعطاه أكثر مما أخذه بلا شرط بينهما فهو مباح له ، وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه ، وهو قوله «فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ» وأما الحرام فالرجل يقرض قرضا يشترط أن يرد أكثر مما أخذه فهذا هو الحرام».
وكيف كان فالكلام في هذا المقصد يقع في مواضع الأول ـ قد صرح الأصحاب رضوان الله عليهم ، بأن القرض عقد يتوقف على الإيجاب والقبول مثل سائر العقود ، الا أنه عقد جائز لا لازم ، مثل البيع ونحوه ، وهو ظاهر في تحقق الملك على المشهور من تملكه بالإيجاب والقبول والقبض (٢)
وأما على القول بأنه لا يملك الا بالتصرف فمقتضى ذلك أنه قبل التصرف انما هو بمنزلة الإباحة ، وعلى هذا فينبغي أن لا يتوقف على العقد ، الا أن يقال : بأن الآثار
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب الربا وفيه عن المنقري عن جعفر بن غياث.
(٢) ومن أظهرها في وجوب الزكاة على المقترض بعد قبضه مال القرض ودخول الحول عليه عنده ، ولو كان اباحة لكان باقيا على ملك المقترض ، وكانت الزكاة عليه ، وبالجملة فإن ظاهر الاخبار يدل على حصول الملك بذلك لا على مجرد الإباحة ، ومن الظاهر ان حصول الملك يحتاج الى ناقل شرعي عما كان عليه سابقا فتأمل. منه رحمهالله.