وعلى هذا ينبغي ان يحمل مفهوم رواية هذيل بن حيان ، فان ظاهرها تخصيص جواز القول بما إذا كان يصله سابقا قبل دفع ماله اليه ، ومفهومه عدم الجواز لو كان بعد دفع المال ، وما ذاك الا من حيث ترتب النفع على دفع المال ، فيحمل حينئذ على الكراهة جمعا (١) ويشير الى ذلك ايضا قوله في آخر حسنة الحلبي المتقدمة «ولو وهبها له كان أصلح» فكأنما بالهبة تزول الكراهة ، وحينئذ فيمكن القول بالجواز على كراهة الا ان ظاهر قولهم عليهمالسلام «خير القرض ما جر المنفعة». ربما نافى ذلك ، فإنه لا تثبت الخيرية مع الكراهة.
وبعدم الكراهة صرح ايضا شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ، فقال بعد قول المصنف «لو تبرع المقترض بزيادة في العين أو الصفة جاز» : لا فرق في الجواز بين كون ذلك من نيتهما أو عدمه ، ولا بين كونه معتادا أو عدمه بل لا يكره قبوله ، للأصل وإطلاق النصوص بذلك ، وقد روى ان النبي صلىاللهعليهوآله (٢) «اقترض بكرا فرد باذلا (٣) رباعيا ، وقال : ان خير الناس أحسنهم قضاء». وروى مثله كثيرا عن الصادق عليهالسلام انتهى.
__________________
(١) ويحتمل ايضا الحمل على التقية بل الظاهر انه الأقرب كما يشير اليه قوله في آخر الخبر إذا قدمت العراق فقل : جعفر بن محمد أفتاني بهذا ، فإنه حيث كانت هذا الفتوى موافقا لما عليه العامة من تحريم النفع أمر بإضاعتها وعدم كتمانها منه رحمهالله.
(٢) أقول : هذا الخبر من طريق العامة كما ذكره بعض المحققين ، وصورة الخبر هكذا ان النبي صلىاللهعليهوآله اقترض قرضا من رجل بكرا فقدمت عليه بإبل الصدقة ، فأمر أبا رافع أن يقبض الرجل بكره فرجع أبو رافع فقال : لم أجد فيها الا جملا جبارا فقال أعطها إياه ، ان خير الناس أحسنهم قضاء». منه رحمهالله ـ سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٥١ وج ٦ ص ٢١.
(٣) الباذل الذي تم له ثمان سنين ثم يقال له باذل عام وباذل عامين وهكذا كل سنة. منه رحمهالله.