ورواها أيضا المشايخ الثلاثة في الصحيح عن جميل (١) قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : اشترى رجل تبن بيدر كل كر بشيء معلوم فيقبض التبن ويبيعه قبل أن يكال الطعام قال : لا بأس به».
قال بعض مشايخنا (عطر الله مراقدهم) بعد نقل خبر جميل المذكور : هذا مخالف لقواعد الأصحاب من وجهين الأول من جهة جهل المبيع ، لان المراد به اما كل كر من التبن ، أو تبن كل كر من الطعام ، كما هو ظاهر من قوله قبل أن يكال الطعام ، وعلى التقديرين فيه جهالة.
الثاني من جهة البيع قبل القبض ، ثم أجاب عن الأول بما ذكره في المختلف وقال في الجواب عن الثاني : فعلى القول بالكراهة لا اشكال ، وعلى التحريم فلعله لكونه غير موزون ، أو لكونه غير طعام ، أو لأنه مقبوض وان لم يكتل الطعام يعد ، كما هو مصرح به في الخبر ، انتهى.
أقول : لا يخفى على من أحاط خبرا بما قدمناه في المسألة التي تقدم مكررا الإشارة إليها من سهولة الأمر في معرفة المبيع الموجبة للخروج من الجهالة والغرر ، وانها تكفي ولو بوجه ما ، ان الأمر في هذه المسألة انما خرج ذلك المخرج ، فان التبن لا اشتباه ولا تعدد في أفراده بحيث يحتاج الى وصفه ، وليس بمعدود ولا مكيل ولا موزون حتى يحتاج إلى شيء من ذلك ، فيكفي في قصد بيعه تخصيصه ببيدر مخصوص ، واشتراط تبن كل كر من الطعام بكذا وكذا كما تضمنته الرواية ، فإن بذلك تحصل المعلومية في الجملة ، وبالجملة فالواجب الوقوف على النص المذكور وعدم الالتفات الى هذه التعليلات العليلة ، سيما مع تأيده بما قدمناه من النصوص التي من هذا القبيل والله العالم.
العاشرة قد روى الشيخ في التهذيب عن غياث بن إبراهيم (٢) عن جعفر
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ١٨٠ عن جميل التهذيب ج ٧ ص ١٢٥ مع اختلاف يسير الفقيه ج ص ١٤٢.
(٢) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود الرقم ـ ٢٠.