في حياة المالك ، وهو مشكل ، لان منافع العبد مملوكة للمالك ، وكسبه له فاستسعاؤه متفرع على ضمان المالك ، مع أنه لا ضمان عليه ، لعدم الإذن بالكلية ، فلا بد من حمل الاستسعاء على كونه بعد العتق ، وحينئذ يكون الرواية دالة على قول ابن إدريس ، وهو الأوفق بالقواعد الشرعية.
الخامس : إذا اقترض المملوك مالا فأخذه المولى وتلف في يده تخير المقرض في المطالبة للعبد أو المولى ، وعلل بان كلا منهما قد ثبت يده على المال ، فيتخير في الرجوع على من شاء منهما ، فان رجع على المولى قبل ان يعتق العبد لم يرجع المولى على العبد وان عتق ، لاستقرار التلف في يده ، ولان المولى لا يثبت له مال في ذمة عبده ، وان كان الرجوع على المولى بعد عتق العبد ، فان كان عند أخذه المال عالما بأنه قرض فلا رجوع له على العبد أيضا ، وان كان قد غره العبد بأن المال له ، ومن جملة أمواله وليس بقرض اتجه رجوعه على العبد ، للغرور.
ولو رجع المقرض على العبد بعد عتقه ويساره فله الرجوع على المولى لاستقرار التلف في يده ، الا ان يكون قد غر المولى ، فلا رجوع عليه كما تقدم ، كذا قيل ، وفي بعض المواضع منه تأمل ، ومنها قوله لا يثبت له مال في ذمة عبده ، فان الظاهر أنه مبنى على أن العبد لا يملك ، والا فمع القول بملكه وان كان محجورا عليه كما هو الأظهر ، فإنه لا مانع من رجوعه عليه.
ومنها أنه إذا كان العبد مأذونا في الاقتراض وقلنا بملكه فإنه يكون المال للعبد. قد ملكه بالاقتراض والقبض ، فلا يجوز للمالك أخذه ، ومقتضى ذلك رجوع المقرض على العبد. لاستقرار المال في ذمته وملكه له ، ورجوع العبد على سيده لانه غاصب.
ومنها إذا كان الاقتراض للمولى وكان عن إذنه فإنه لا رجوع للمولى على العبد ، وبالجملة فإن كلامهم هذا انما يتم فيما إذا كان القرض بغير اذن المولى ، سواء اقترضه لنفسه أو للمولى ، فان القرض يكون حينئذ باطلا فيلزمه لوازم القبض بالعقد الفاسد والله العالم.