المقصد الخامس في موجبات سقوط الشفعة وبطلانها
فمنها أن يشترى شقصا لا يستوي إلا عشرة بمأة ويدفع عوض المأة ما يساوى عشرة ، فالشفيع اما ان يدفع المأة ، أو ينزل عن الشفعة ، لأنك قد عرفت أنه يأخذ بالثمن الذي وقع عليه العقد ان أراد الشفعة ، وأما دفع المشترى عوض المأة ما يساوى عشرة فهي معاوضة أخرى ، لا تعلق للشفيع بها ، وهذا من جملة الحيل لإسقاط الشفعة ، وفي معناه أن يبرءه من بعض الثمن.
ومنها ترك المطالبة بالشفعة مع العلم وعدم العذر ، بناء على القول بالفورية ، وأما على القول بعدمها فلا ، وقد تقدم تحقيق الكلام في ذلك في المسألة السادسة من المقصد السابق ، وأنه على القول الغير المشهور لا تسقط إلا بالإسقاط ، والا فهي ثابتة على التراخي.
ومنها ما لو نزل عن الشفعة قبل البيع على أحد القولين ، وقد تقدم تحقيق ذلك في المسألة الثالثة عشر من المقصد المذكور.
ومنها أن يشهد على البيع على أحد القولين فذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى بطلانها ، لدلالته على الرضا بالبيع ، وذهب في المبسوط الى عدمه ، للأصل ومنع الدلالة ، وتأثيرها على تقديرها في الابطال ، واختاره في المسالك.
ومنها أن يبارك للمشتري أو البائع العقد ، وهو محل خلاف أيضا ، وعلل القول بالبطلان اما لتضمنه الرضا ، أو لمنافاته الفورية ، قال في المسالك : والأصح عدم البطلان ، لمنع ، الأمرين ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلان المعتبر فيها العرف ، ونحو السلام والدعاء عند الاجتماع لذلك وأشباهه لا ينافيها عرفا ، بل ربما كانت المبادرة إلى الأخذ بدون الكلام مستهجنا عادة انتهى.
أقول : ويزيده تأكيدا بالنسبة إلى الدلالة على الرضا أنه من المحتمل قريبا بل هو الظاهر ـ متى حصلت منه الشفعة أن الرضا بالبيع انما كان لكونه وسيلة إلى الأخذ بالشفعة ، فيكون مؤكدا لا منافيا ، وبالنسبة الى الثاني ما تقدم في المسألة