وكذا لو وهب أو تصدق أو أقر بمال ، والضابط هو منعه من جميع لتصرفات المالية ، ويصح طلاقه وخلعه وظهاره ، وإقراره بالنسب وما يوجب القصاص ، لانه ليس في شيء من هذه ما يوجب تضييع المال الذي فسر به السفه.
نعم في الإقرار بالنسب اشكال باعتبار أنه قد يوجب النفقة ، فيرجع الى الإقرار بالمال ، ولا يبعد أن يقال انه لما كان الإقرار بالنسب على هذا التقدير يوجب شيئين أحدهما إلحاق النسب ، وهو ليس بمالي ، فلا مانع من الحكم به.
وثانيهما ـ الإنفاق ، وهو مالي مثله ثبت بإقراره ، فيحكم بالأول ، دون الثاني ، وحينئذ يجب ان ينفق على من استلحقه من بيت المال ، لانه معد لمصالح المسلمين
ونقل عن الشهيد قول بأنه ينفق عليه من ماله ، لانه فرع على ثبوت النسب ، ولأن في الإنفاق عليه من بيت المال إضرارا بالمسلمين ، فكما يمنع من الإضرار بماله ، فكذا يمنع من الإضرار بمال غيره.
ورد بأن إقراره انما ينفذ فيما لا يتعلق بالمال كما تقدم ، وبيت المال معد لمصالح المسلمين ، فكيف يقال : ان ذلك مضربهم ، وإلا لأدى ذلك الى كل ما يؤخذ منه جزاء ، ولانه لو قبل إقراره في النفقة لأمكن أن يفعل ذلك وسيلة إلى تضييع ماله ، لان ذلك من مقتضيات السفه ، وينبغي أن يعلم أنه في صورة الخلع لا يسلم اليه مال الخلع ، لانه تصرف مالي وهو ممنوع منه.
وأما توكله لغيره في البيع مثلا فهو صحيح للأصل ، وعموم أدلة جواز التوكل ، وصدق البيع في محله عن اهله ، ومنعه من التصرف في ماله ـ لاحتمال إضاعة المال ـ لا يستلزم منعه من مال غيره إذا كان باذن صاحبه ، ويمكن أن يكون اجازة الولي أيضا كافية على تقدير القول بصحة العقد الفضولي ، والا فلا.
الثانية ـ هل يثبت الحجر على السفيه بمجرد ظهور السفه ، أم يتوقف على حكم الحاكم؟ وهل يزول بزوال سفهه ، أم يتوقف على حكم الحاكم؟ أقوال : ووجه علل التوقف على حكم الحاكم في الموضعين ، أن الحجر حكم شرعي لا يثبت ولا يزول الا بدليل شرعي ، وأن السفه أمر خفي ، والانظار فيه يختلف ، فناسب كونه