ومثله القول في الخبر فإنه مع وجود اللفظ الصريح في الدلالة على النقل عن الملك الرافع للضمان يخرج موضع النزاع من ذلك ، والكلام في القبول كما تقدم في الإيجاب من أنه لا ينحصر في لفظ ، بل كلما دل على الرضا بالإيجاب.
وهل يكفى القبول الفعلي ويترتب عليه ما يترتب على القولي من تمام الملك أو إنما يكفي بالنسبة إلى إباحة التصرف خاصة؟ قطع جمع من الأصحاب بالأول ، وتنظر فيه بعضهم ، واستظهر الثاني إذا عرفت ذلك فالذي يظهر عندي من تتبع الاخبار ان الأمر هنا كما قدمنا شرحه في كتاب التجارة (١) من سعة الدائرة في العقود ، والاكتفاء فيها بما دل على الرضا ، وعدم اشتراط شيء زائد على ذلك.
والاكتفاء هنا بمجرد الطلب والإعطاء وأخذ ذلك بالألفاظ الدالة على ارادة القرض ، كما عرفت من حديث استقراض على بن الحسين عليهماالسلام المتقدم ، فإنه ليس فيه بعد طلبه القرض من مولاه بقوله أقرضني والمحاورة بينهما في الوثيقة ، الا انه أعطاه المال بعد قبض الوثيقة ، فأخذ عليهالسلام المال وانصرف ، وليس هنا صيغة ولا عقد زائد على ما ذكر في الخبر.
الثاني في حكم النفع المترتب على القرض ، والكلام في ذلك يقتضي بسطه في موارد أحدها : لا خلاف بين الأصحاب رضوان الله عليهم ، في تحريم اشتراط النفع في القرض ، بل نقل بعض محققي متأخرين المتأخرين إجماع المسلمين على ذلك ، وربما ظهر من بعض الاخبار تحريم حصول النفع ، وان كان لا بشرط ، والواجب نقل ما وصل إلينا من الاخبار في ذلك ، ثم الجمع بين مختلفاتها وتأليف متشتتاتها.
فمنهما ما رواه المشايخ الثلاثة (نور الله تعالى مراقدهم) عن محمد بن
__________________
(١) ج ١٨ ص ٣٥٥.