الفصل الثاني في شرائط الرهن
وفيه مسائل الأولى ـ المشهور في كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه يشترط كون الرهن عينا مملوكة ، فلا يصح رهن ما في الذمة من الديون ، ولا المنافع ، مثل سكنى الدار وخدمة العبد ، والوجه في الثاني ظاهر ، وهو أنه ليس هنا شيء موجود يمكن استيفاء الدين منه الذي هو الغرض من الرهن ، لان هذه المنافع تستوي شيئا فشيئا ، وكل ما حصل منها شيء عدم ما قبله ، والمطلوب من الرهن أنه متى تعذر استيفاء الدين استوفى من الرهن.
وبالجملة فإن المنافع لا يصح إقباضها إلا بإتلافها ، ومع ذلك فالمنع من رهنها موضع وفاق ، كما صرحوا به ، وأما الوجه في الأول فهو مبنى على أمرين أحدهما ـ عدم صحة بيع ما في الذمة ، وثانيهما ـ اشتراط القبض في الرهن ، والدين لا يمكن قبضه ، لأنه أمر كلي لا وجود له في الخارج.
وفي كل من الأمرين نظر ، أما عدم صحة بيع ما في الذمة فهو على إطلاقه ممنوع ، وانما ذلك في صورة خاصة كما تقدم تحقيقه ، وأما اشتراط القبض فقد تقدم ما فيه من البحث ، وأنه لم يقم دليل واضح عليه ، ومع تسليمه فإنه يجتزي بقبض ما يعينه المديون ، ويحصل الشرط المذكور ، والأصل والعمومات يقتضي الجواز.
والى ما ذكرنا يميل كلام جملة من محققي متأخري المتأخرين كالمحقق الأردبيلي والفاضل الخراساني ، وقد صرح العلامة في التذكرة ببناء المنع على اشتراط القبض ، فقال : لا يصح رهن الدين ان شرطنا في الرهن القبض ، لانه لا يمكن قبضه لعدم تعينه حالة الرهن.
لكنه في القواعد جمع بين الحكم بعدم اشتراط القبص ، وعدم جواز رهن الدين ، فتعجب منه الشهيد في الدروس.
واعتذر له المحقق الشيخ على في شرحه بأن عدم اشتراط القبض لا ينافي