التوى غرمائه ، ولا تعرض في شيء منها لشيء من هذه الأحكام بالكلية ، فضلا عن أن يكون على جهة الوجوب أو الاستحباب ، وحينئذ فإثبات الوجوب أو الاستحباب بمثل هذه الاعتبارات العقلية والتعليلات الوهمية لا يخلو من المجازفة كما ذكرنا.
ثم انهم ذكروا في ترتيب المبيعات انه يبدء بما يخاف عليه الفساد عاجلا كالفاكهة ، ثم الحيوان ، ثم سائر المنقولات ، ثم بالعقارات قالوا : هذا هو الغالب ، وقد يعرض لبعض ما يستحق التأخير التقديم بوجه ، ثم بالرهن وبعضهم عد الرهن بعد ما يخاف عليه الفساد ، والمراد به انه إذا كان للمفلس مال مرهون عند أحد فإنه يبدء ببيعه ، لانه ربما زادت قيمته فيضم الزائد الى مال الغرماء ويقسم عليهم ، وربما نقصت فيضرب المرتهن بالناقص مع الغرماء.
قال في المسالك : وهذا التقديم يناسب الاستحباب ، لان الغرض منه معرفة الزائد والناقص ، وهو يحصل قبل القسمة ، وفي التذكرة قدمه على بيع المخوف وما هنا أولى انتهى.
الثانية ـ قالوا : ومن المستحبات ان يعول على مناد يرضى به الغرماء والمفلس دفعا للتهمة ، وان تعاسروا عين الحاكم ، قال في المسالك : ينبغي ان يكون هذا على سبيل الوجوب ، لأن الحق في ذلك لهم ، لكونه مال المفلس ومصروفا الى الغرماء.
ثم قال : ويمكن مع ذلك الاستحباب ، لان الحاكم بحجره على المفلس أسقط اعتباره ، وكان لوكيله وحق الغرماء الاستيفاء من القسمة ، وهي حاصلة بنظر الحاكم ، ثم انه ان وجد من يتبرع بذلك ، وإلا بذلت الأجرة من بيت المال ، لانه معد لمصالح المسلمين ، وهذا من جملتها ، ولو تعذر لعدم بيت المال ، أو لعدم سعة فيه لذلك ، جاز أخذها من مال المفلس ، لان البيع حق عليه.
وفي القواعد أطلق أن الأجرة على المفلس ، ولا يخلو من قرب للعلة المذكورة والرجوع الى بيت المال يحتاج الى دليل ، ومجرد كونه موضوعا لمصالح المسلمين لا يستلزم ذلك ، والواجب إعطاء ديون الغارمين منه وان كانوا قادرين على أدائها ،