كتاب الحجر
وهو لغة المنع ، ومنه سمى الحرام حجرا ، لما فيه من المنع ، قال الله تعالى (١) «وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً» أى حراما محرما ، وسمى العقل حجرا ، لانه يمنع صاحبه من ارتكاب القبيح ، قال الله تعالى (٢) «هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ» وشرعا هو المنع من التصرف في المال ، أى مال ذلك المحجور عليه ، أعم من أن يكون في الجميع أو البعض ، فيشمل الممنوع من التصرف في الجميع ، كالصبي أو في البعض كالمريض ، وأيضا فالظاهر المنع في الجملة وعلى بعض الوجوه ، إذ لا منع شرعا من الكل ، إذ لا يكون أضعف من الصبي والمجنون ، وهما غير ممنوعين من الأكل والشرب والسكنى ونحوها.
ثم اعلم ان جملة من الأصحاب كالعلامة في التذكرة والمحقق في الشرائع جعلوا للحجر كتابا وبابا على حدة ، وللمفلس كتابا وبابا على حدة ، والعلامة في الإرشاد أدرج المفلس في كتاب الحجر ، وجعله من جملة مباحثه ، وهو الأظهر كما ستقف عليه إنشاء الله تعالى ، وكأن أولئك نظروا إلى كثرة الأبحاث المتعلقة بالمفلس فجعلوه لذلك مستقلا بالبحث ، والأمر في ذلك هين.
ونحن قد جرينا في هذا الكتاب على ما جرى عليه شيخنا العلامة في الإرشاد
وحينئذ فالبحث في هذا الكتاب يقع في مطالب ثلاثة المطلب الأول ـ في موجبات الحجر، وهي عند الأصحاب ستة ، الصغر ، والجنون ، والرق ، والمرض والفلس ، والسفه ، والحصر في هذه الستة المذكورة جعلي لا استقرائي ، حيث قد جرت عادتهم بالبحث في هذا المقام عن هذه الستة.
والا فهنا أقسام كثيرة غير هذه الستة ، كالحجر على الراهن والمرتهن في
__________________
(١) سورة الفرقان الآية ـ ٢٢.
(٢) سورة الفجر الآية ـ ٥.