مع أنه ليس كذلك.
وبالجملة فإنه يجب على المفلس إيصال الديون الى الغرماء بكل وجه اتفق ، ومن جملتها ما نحن فيه ، وحينئذ فقوله في المسالك ـ بعد أن ذكر القول الأول ثم نقل عن القواعد ما نقلناه عنه : وما هنا أجود ـ لا أعرف له وجها :
أقول : وهذا الحكم وان لم أقف له على دليل الا أنه يمكن استنباطه من الاخبار المتقدمة ، فإن تولى الحاكم للبيع انما يكون بنصب رجل يعتمده ينادى على المتاع في السوق لبيعه ، هذا ان تولى ذلك الحاكم ، وان حصل اتفاق المفلس والغرماء على رجل ينادى عليه ويبيعه لهم ، فكذلك أيضا ، والكلام في الأجرة كما تقدم ، وأما دعواه المسالك الوجوب فبعيد لا ينهض به دليله.
الثالثة ـ الظاهر أنه لا خلاف بينهم في أنه لا يجبر المفلس على بيع داره التي يسكنها ، الا من ابن الجنيد (١) فان ظاهره موافقة العامة هنا في وجوب البيع ، وهو شاذ مردود بالأخبار الصريحة الصحيحة ، ثم انه على القول المشهور يباع منها ما يفضل عن حاجته. وقالوا : يعتبر كونها لائقة بحاله كما وكيفا ، فلو زاد في أحدهما وجب الاستبدال بما يليق به ـ وببيع الفاضل ان أمكن إفراده بالبيع.
قال الصدوق في الفقيه : وكان شيخنا محمد بن الحسن رضى الله عنه يروى أنه ان كانت الدار واسعة يكتفى صاحبها ببعضها فعليه أن لا يسكن منها ما يحتاج اليه
__________________
(١) حيث قال : ويستحب للغريم إذا علم عسر من عليه الدين أن لا يحوجه الى بيع مسكنه وخادمه الذي لا يجد غنى ، ولا ثوبه الذي يتجمل به ، وأن ينظره الى أن ينتهي خبره الى من بيده الصدقات ان كان من يصلها أو الخمس ان كان أهله فان لم يفعل وثبت ماله عند الحاكم وطالب الحاكم بيع ذلك فلا بأس أن يجعل ذلك الملك رهنا في يد غريمه فان أبى الا استيفاء حقه أمره الحاكم بالبيع وتوفية أهل الدين بحقوقهم فان امتنع حبسه الى أن يفعل ذلك والا دفع عليه الحاكم انتهى ، وكلامه كما ترى صريح في خلاف الأصحاب في الدار والخادم والثياب ، وبطلانه أظهر من أن ينكر ـ منه رحمهالله.