كتاب الرهن
والرهن لغة الثبوت والدوام ، يقال : رهن الشيء رهونا : كقعد قعودا إذا ثبت ودام ، ومنه نعمة راهنة : أى دائمة ثابتة ، قال في كتاب المصباح المنير :
ويتعدى بالألف فيقال أرهنته : إذا جعلته ثابتا ، وإذا وجدته كذلك ، ورهنته المتاع بالدين رهنا حبسته به ، فهو مرهون ، والأصل مرهون بالدين ، فحذف للعلم به ، وأرهنته بالدين بالألف لغة قليلة ومنعها الأكثرون. انتهى.
وبه يظهر ما في قوله في المسالك بعد نسبة المعنى الأول إلى اللغة ، ويطلق على الحبس بأي سبب كان ، قال الله تعالى (١) «كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» أي محبوسة بما كسبته من خير وشر ، وأخذ الرهن الشرعي من هذا المعنى أنسب ، فإن ظاهره أن المعنى اللغوي للفظ انما هو الأول ، وبه صرح غيره أيضا ، وأن الثاني انما هو معنى مجازي يطلق عليه ، ويستعمل فيه مع أن مقتضى كلام المصباح ان الثاني أيضا معنى لغوي ، فاستعماله شرعا في هذا المعنى هو أحد معنييه لغة.
والكلام في هذا الكتاب يجب بسطه في فصول الفصل الأول ـ في الرهن وفيه مسائل ، الأولى ـ في الصيغة المشتملة على الإيجاب والقبول ، ظاهر كلام بعض الأصحاب الاكتفاء في الإيجاب بكل لفظ دل على الارتهان ، كقوله رهنتك أو هذا وثيقة عندك ، وهذا رهن عندك وزاد في الدروس أنه لو قال : خذه على مالك أو بمالك فهو رهن.
أقول : في قوله خذه بمالك ما يوهم المعاوضة ، ودخوله في قسم البيع ، بناء على عدم اشتراط الصيغة الخاصة ، ووقوعه لكل ما دل على التراضي من الطرفين ، فلا ينبغي عده في سياق هذه الألفاظ.
وبالجملة فإنه يستفاد منه أنه أن الرهن لا يختص بلفظ. وربما ظهر من عبائر جملة منهم في التعبير عنه بأنه عقد ، أنه يشترط فيه ما يشترط في العقود اللازمة من الإيجاب
__________________
(١) سورة المدثر الآية ـ ٣٨.