والقبول باللفظ العربي على صيغة الماضي والمقارنة ، وتقديم الإيجاب كما في غيره من العقود اللازمة ، لأنه المتبادر من لفظ العقد.
قيل : لعل دليله أن الأصل عدم الانعقاد وترتب أحكام الرهن الا على ما ثبت كونه رهنا بالإجماع ونحوه والإجماع هنا غير ثابت ، وكذا غيره.
أقول : فيه ما عرفت مما تقدم في صدر الفصل الأول من كتاب البيع (١) من عدم الدليل على ما ذكروه ، واستفاضة الاخبار في العقود بخلاف ما اعتبروه ، مضافا الى أصالة العدم ، ويؤيده ـ ما ذكره بعض المحققين ـ من أن الرهن ليس على حد العقود اللازمة ، لأنه جائز من طرف المرتهن ، فترجيح جانب اللزوم ـ ولزوم ما يعتبر في اللازم ـ ترجيح من غير مرجح ، وأما القبول فهو عبارة عن الرضا بذلك الإيجاب ، والقبول فيه كما تقدم في الإيجاب.
وقال في التذكرة : الخلاف في الاكتفاء بالمعاطاة ـ والاستيجاب والإيجاب المذكور في البيع ـ آت هنا ، واعلم أن الرهن اما أن يكون مبتدأ متبرعا به ، وهو الذي لا يقع شرطا في عقد لازم ، بل يقول الراهن : رهنت هذا الشيء عندك على الدين الذي على ، فيقول المرتهن : قبلت ، واما أن يقع شرطا في عقد لازم كبيع أو إجارة أو نكاح أو غير ذلك ، فيقول : بعتك هذا الشيء بشرط أن ترهنني عبدك ، فيقول : اشتريت ورهنت ، أو زوجتك ابنتي على مهر قدره كذا ، بشرط أن ترهنني دارك على المهر ، فيقول الزوج : قبلت ورهنت.
والقسم الأول لا بد فيه من الإيجاب والقبول عند من اشترطهما ولم يكتف بالمعاطاة.
وأما القسم الثاني فقد اختلفوا فيه ، فقال بعض الشافعية : إذا قال البائع : بعتك كذا بشرط أن ترهنني كذا ، فقال المشترى : شريت ورهنت ، لا بد وأن يقول البائع بعد ذلك : قبلت الرهن ، وكذا إذا قالت المرأة : زوجتك نفسي بكذا بشرط أن
__________________
(١) ج ١٨ ص ٣٥٥.