الثاني ـ بينة الشفيع ، لأنهما بينتان معارضتان ، فقدمت بينة من لا يقبل قوله عند عدمها كالداخل والخارج ، والثالث ـ القرعة لأنهما تنازعا في العقد ، ولا يد لهما عليه فصارا كالمتنازعين في عين في يد غيرهما انتهى.
أقول : وأنت خبير بأن مرجع هذا الخلاف الى الخلاف في تقديم بينة الخارج أو الداخل عند التعارض ، فعلى الأول تقدم بينة المشترى ، وعلى الثاني بينة الشفيع ، الا أن ظاهر كلامه في المختلف أن تقديم بينة المشترى لا من الحيثية المذكورة ، بل من حيث ترجحها بتقديم قوله ، وهذا الترجيح انما يتم بناء على ما هو المشهور عندهم ، والا فعلى ما قدمنا نقله عن المسالك من ان القول قول الشفيع بيمينه فلا.
وبالجملة فالمسألة لخلوها من النص الواضح صارت مطرحا للأنظار ، ومسرحا للافكار مع ما هي عليه من الاختلاف الذي لا يقف على حد ، ولا يصل الى عد. والله العالم.
السادسة عشر ـ إذا ظهر في الشقص الذي هو محل الشفعة عيب ، فان كان ذلك حال البيع وقبل أخذ الشفيع بالشفعة فالواجب أولا النظر فيما يستقر عليه حكم المشترى في هذه الصورة ، فإن اختار أخذ الأرش ، أو كان الحق منحصرا في الأرش بأن حدث في المبيع ما يمنع الرد ، فالحكم في الشفيع أنه يسقط عنه من الثمن ما قابل الأرش الذي أخذ المشتري ، لأنه جزء من الثمن ، والثمن حقيقة انما هو الباقي بعد الأرش ، وان لم يأخذ الأرش بل عفا عنه ، لانه حقه ان شاء تركه ، تخير الشفيع بين الأخذ بمجموع الثمن الذي وقع عليه العقد ، وبين الترك ، لانه لم يتجدد للثمن ما يوجب نقصه كما في الصورة الاولى.
وان كان ظهور العيب بعد الأخذ بالشفعة فهيهنا صور أربع ، لانه اما أن يكون المشترى والشفيع عالمين به وقت البيع ، أو جاهلين أو أحدهما عالم والأخر جاهل ، وهذه الصورة الثالثة تنحل الى صورتين ، وهو أن يكون المشترى عالما والشفيع جاهلا وبالعكس.
فالأولى أن يكونا عالمين فلا خيار لأحدهما ولا أرش ، لقدوم المشترى على الشراء والحال هذه ، والشفيع على الأخذ بالشفعة والحال كما عرفت ، وهذا ظاهر.