معنى المعاوضة المحضة ، لأنه يأخذ الشقص بالثمن الذي بيع به ، اشترط علمه به حين الأخذ حذرا من الغرر اللازم على تقدير الجهل ، لان الثمن يزيد وينقص والأغراض تختلف فيه قلة وكثرة ، وربما يزيد حيلة على زهد الشفيع في الأخذ مع اتفاقهما على إسقاط بعضه ، فلا يكفي أخذه بالشفعة مع عدم العلم به جنسا وقدرا ووصفا وان رضى بأخذه مهما كان الثمن ، لان دخوله على تحمل الغرر لا يرفع حكمه المترتب عليه شرعا من بطلان المعاوضة مع وجوده ، كما لو أقدم المشترى على الشراء بالثمن المجهول ورضى به كيف كان.
قالوا : وحيث لا يصح الأخذ لا تبطل الشفعة ، بل يجددها إذا علم به ، وظاهر المحقق الأردبيلي (قدسسره) المناقشة في الحكم المذكور حيث قال بعد ان نقل قول المصنف «انه لو قال : أخذت بالثمن كائنا ما كان وكان عالما بقدره صح والا فلا» : ما صورته «لا شك في الصحة مع العلم وأما مع الجهل فقال المصنف : لا يكفى وان ضم إليه كائنا ما كان ، ولعل دليله الجهل بالثمن وان الشفعة بمنزلة البيع بينه وبين المشترى ، ولا بد من العلم بالعوضين ، وذلك غير ظاهر ، وما نعرف لاشتراط العلم دليلا لا عقليا ولا شرعيا الا أن يكون إجماعا فتأمل انتهى.
وبالجملة فإن مرجع ما قدمنا من كلامهم الى إلحاق الشفعة بالبيع ، وحملها عليه من حيث الاشتراك في كونهما معاوضة ، وقد قام الدليل في البيع على وجوب العلم بالعوضين جنسا وقدرا ووصفا فكذا هنا.
وأنت خبير بما فيه ، فإنه عند التحقيق لا يخرج عن القياس المنهي عنه في الاخبار ، حيث أن أخبار الشفعة على تعددها وتكاثرها لا إشعار في شيء منها بذلك والحكم به بدون ذلك مشكل.
وأما التعليل بالغرر فيمكن دفعه بأن الشفيع قد أقدم على ذلك ورضى به ، وقوله «أن دخوله على تحمل الغرر لا يدفع حكمه» مسلم لو ثبت هنا عدم جواز الدخول في هذا الحال ، وقياسه على البيع ممنوع ، لقيام الدليل في البيع ، فيتم ما ذكروه فيه ، أما هنا فهو محل البحث وعين المتنازع فيه والله العالم.