البائع للمشتري هو كون المشتري أخذ سلعته بأضعاف قيمتها ، فيصير الحامل للبائع على القرض هو ذلك ، والقرض إذا جر المنفعة كان باطلا ، فالواجب الحكم ببطلان البيع المذكور ، وهو توهم فاسد ، لان المستفاد من الاخبار ـ كما سيأتي ذكرها إنشاء الله تعالى جميعا في كتاب الديون والجمع بينهما ـ هو أن المحرم انما هو القرض الذي يشترط فيه النفع ، لا ما يجر النفع بقول مطلق ، والمستفاد من بعضها أن تحريم ما يجر النفع مطلقا مذهب العامة ، كما تقدم ذكره في كلام شيخنا المفيد رحمهالله.
وحينئذ فما دل على خلاف ما ذكرناه من الاخبار كصحيحة يعقوب بن شعيب المذكورة فهو محمول على الاشتراط أو التقية ، والعلامة إنما أجاب عنها بالمعارضة لصحيحة محمد بن مسلم ، والظاهر أنها ما رواه المشايخ الثلاثة عنه (١) وعن غيره قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يستقرض من الرجل قرضا ويعطيه الرهن اما خادما واما آنية واما ثيابا ، فيحتاج إلى شيء من منفعته ، فيستأذنه فيه فيأذن له؟ قال : إذا طابت نفسه فلا بأس به ، فقلت : ان من عندنا يرون أن كل قرض يجر منفعة فهو فاسد ، فقال : أو ليس خير القرض ما جر منفعة».
وهذه الرواية هي التي أشرنا إليها في الدلالة على ان ذلك مذهب العامة ونحوها في الدلالة على ان خير القرض ما جر منفعة غيرها ايضا.
والعجب انه سكت عن الجواب عن رواية محمد بن قيس ، مع انها ظاهرة في الدلالة على ان التحريم انما هو من حيث الشرط لا مطلقا ، لقوله أو لا «فلا يشترط الا مثلها ، وان جوزي بأجود منها فيقبل ، وقوله ثانيا «يشترط من أجل قرض ورقه» يعنى لا يجعل عارية المتاع أو ركوب الدابة شرطا في القرض ، وهو ظاهر.
ومما ذكرنا يعلم أن ما أطال به (قدسسره) من الوجوه التي ذكرها غير محتاج إليه ، لأن بيع الشيء بأضعاف ثمنه مما لا نزاع فيه ، وكذا وقوع الشروط
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الدين الرقم ٤.