وإذا هارون يكلمه فلا يكلمه ، فقال : ألا ترون إلى هذا الرجل أكلمه فلا يكلمني؟ فلما أكثرنا عليه أخرج لسانه كأنه كرفسة ووضع يده عليه ، أي إني لا أقدر أتكلم. قال : فجعل هارون يتغيظ ويقول إنه يقول إني سقيته السم ، والله لو رأيت عليه القتل لضربت عنقه قال: وقال على أيمان البيعة إن كنت سقيته ولا أمرت أن يسقي قال : فالتفت حين بلغت الستر وإذا بيحيى قد سقط على وجهه لا حركة به.
قال جدي : وسمعت في غير هذا الحديث أن عبد الله بن مصعب جعل يفحش على يحيى في المجلس ويشتمه ويقول له فيما يقول : لقد سمج الله خلقك وخلقك ، قال : فقال يحيى لما أكثر عليه : يا أمير المؤمنين ، إن هذا عدو لي ولك وهو يضرب بعضنا ببعض ، هذا بالأمس مع أخي محمّد بن عبد الله وهو القائل :
قوموا بأمركمو نجب بطاعتنا |
|
إن الخلافة فيكم يا بني حسن |
وهو اليوم يأمر بقتلي قال : فقال له ابن مصعب قلت هذا الشعر؟ فقال له يحيى فاحلف إن برئت من حول الله وقوته ووكلك إلى حولك وقوتك إن كنت قلت هذا. قال ابن مصعب لا أحلف ، فالتفت إليه الرّشيد فقال احلف بما حلفك به ، فحلف. فقال يحيى : الله أكبر قطعت والله أجله.
حدثني بذلك إسماعيل بن يعقوب وغيره.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمّد بن يحيى ، حدثني جدي قال : حدثني محمّد بن أحمد المنصوري قال : سمعت في عبد الله بن مصعب حديثين أن يحيى بن عبد الله لما حلفه لم يمض به ثلاث حتى مات. ويقال مات من يومه ، انقلب إلى منزله فسقط عن دابته فانتجع فمات ، فكان الرّشيد إذا ذكره قال : لا إله إلا الله ما أسرع ما أديل ليحيى من ابن مصعب.
قال جدي : وكان إدريس بن محمّد بن يحيى يقول : مات جدي يحيى بن عبد الله بن الحسن في حبس أمير المؤمنين هارون.
قال جدي : وسمعت علي بن طاهر بن زيد يقول : لما توفي يحيى بن عبد الله وخرج بجنازته بعث أمير المؤمنين إلى رجل من العلويين يقال له العبّاس بن الحسن بن علي ، فقال يقول لك أمير المؤمنين صل على صاحبكم ، فقال الرجل : ما كنت لأصلي على جيفة خرج منها روحها وأمير المؤمنين عليها ساخط.