الجارية؟ فأخبرته فقلت : والله ما ملكت نفسي أن أجبت إلى العشرين ألفا حين سمعتها ، فقال إنك لخسيس. وهذا خليفة صاحب فارس قد جاءني في مثل هذا ، فخذ جاريتك فإذا ساومك بها فلا تنقصها من خمسين ألف دينار ، فإنه لا بد أن يشتريها منك بذلك. قال : فجاءني الرجل فأسمت عليه خمسين ألف دينار ، فلم يزل يساومني حتى أعطاني ثلاثين ألف دينار فضعف قلبي عن ردها ولم أصدق بها فأوجبتها له بها ، ثم صرت إلى يحيى بن خالد فقال لي بكم بعت الجارية؟ فأخبرته فقال : ويحك ألم تؤدبك الأولى عن الثانية؟ قال : قلت ضعفت والله عن رد شيء لم أطمع فيه ، قال : فقال هذه جاريتك فخذها إليك. قال: فقلت : جارية أفدت بها خمسين ألف دينار ثم أملكها أشهدك أنها حرة ، وأني قد تزوجتها.
أخبرنا الحسن بن الخلّال ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران ، حدثنا أبو عبد الله الحكيمي ، حدثني ميمون بن هارون ، حدثني علي بن عيسى بن بردانيزوذ (١) قال : كان يحيى بن خالد يقول : إذا أقبلت الدنيا فأنفق فإنها لا تفنى ، وإذا أدبرت فأنفق فإنها لا تبقى.
أخبرنا أحمد بن محمّد بن أبي جعفر الأخرم ، أخبرنا أبو علي عيسى بن أحمد بن أحمد الطوماري ، حدثنا محمّد بن يزيد المبرد ، حدثني محمّد بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك قال : قال أبي لأبيه يحيى بن خالد بن برمك ـ وهم في القيود والحبس : يا أبت بعد الأمر والنهي والأموال العظيمة أصارنا الدهر إلى القيود ولبس الصوف والحبس؟ قال : فقال له أبوه : يا بني دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها ، ثم أنشأ يقول :
رب قوم قد غدوا في نعمة |
|
زمنا والدهر ريان غدق |
سكت الدهر زمانا عنهم |
|
ثم أبكاهم دما حين نطق |
قد تقدم في أخبار الفضل بن يحيى بن خالد أن يحيى مات في سنة تسعين ومائة وكانت وفاته في حبس الرّشيد بالرافقة ، لثلاث خلون من المحرم ، وهو ابن سبعين سنة ، صلى عليه ابنه الفضل ، ودفن على شاطئ الفرات في موضع يقال له ربض هرثمة.
__________________
(١) هكذا في الأصل.