فقال الفتح : أنت والله يا أمير المؤمنين في وضع التمثيل موضعه أشعر منه وأعلم وأظرف.
أخبرنا ابن أبي جعفر ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران ، أخبرنا محمّد بن يحيى قال : سمعت الحسين بن فهم يقول : سمعت يحيى بن أكثم يقول : ما أحسن أحد إلى آل أبي طالب من خلفاء بني العبّاس. ما أحسن إليهم الواثق ، ما مات وفيهم فقير.
أخبرنا أبو حاتم أحمد بن الحسين بن محمّد الرّازيّ الواعظ ـ في كتابه إلينا بخطه ـ قال : حدثنا محمّد بن عبد الواحد بن محمّد المعدل ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن علي أبو الحسن الحافظ ، حدثنا الحسين بن عبد الله بن يحيى البرمكي ، حدثنا زرقان بن أبي داود قال : لما احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين :
الموت فيه جميع الخلق مشترك |
|
لا سوقة بينهم يبقى ولا ملك |
ما ضر أهل قليل في تنافرهم |
|
وليس يغني عن الأملاك ما ملكوا |
ثم أمر بالبسط فطويت وألصق خده بالأرض وجعل يقول : يا من لا يزول ملكه ، ارحم من قد زال ملكه.
أخبرنا التّنوخيّ قال : أخبرني أبي قال : حدثني الحسين بن الحسن بن أحمد بن محمّد الواثقي قال : حدثني أبي أحمد بن محمّد أمير البصرة قال : حدثني أبي قال : كنت أحد من مرض الواثق في علته التي مات فيها فكنت قائما بين يدي الواثق أنا وجماعة من الأولياء والموالي والخدم ، إذ لحقته غشية ، فما شككنا أنه قد مات. فقال بعضنا لبعض : تقدموا فاعرفوا خبره ، فما جسر أحد منهم يتقدم ، فتقدمت أنا ، فلما صرت عند رأسه وأردت أن أضع يدي على أنفه أعتبر نفسه ، لحقته إفاقة ، ففتح عينيه ، فكدت أن أموت فزعا من أن يراني قد مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي ، فتراجعت إلى خلف ، وتعلقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس وعثرت به ، فاتكأت عليه فاندق سيفي وكاد أن يدخل في لحمي ويجرحني ، فسلمت وخرجت ، فاستدعيت سيفا ومنطقة أخرى ، فلبستها وجئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة ، فتلف الواثق تلفا لم يشك جماعتنا فيه ، فتقدمت فشددت لحييه ، وغمضته ، وسجيته ، ووجهته إلى القبلة ، وجاء الفراشون فأخذوا ما تحته في المجلس ليردوه إلى الخزائن ، لأن جميعه مثبت عليهم ، وترك وحده في البيت ، وقال لي ابن أبي دؤاد القاضي : إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة ، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن ، فأحب أن تكون أنت ذلك