السّمّاك في كلامه : لا أقول إن أبا يوسف مجنون ولو قلت ذاك لم يقبل مني ، ولكنه رجل صارع الدنيا فصرعته.
أخبرني محمّد بن علي بن مخلد الورّاق ، أخبرنا أحمد بن محمّد بن عمران بن موسى بن عروة ، حدثنا محمّد بن يحيى النديم ، حدثنا عون بن محمّد ، حدثنا طاهر ابن أبي أحمد الزّبيري قال : كان رجل يجلس إلى أبي يوسف فيطيل الصمت. فقال له أبو يوسف : ألا تتكلم؟ فقال : بلى متى يفطر الصائم. قال : إذا غابت الشمس ، قال : فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ قال : فضحك أبو يوسف وقال : أصبت في صمتك ، وأخطأت أنا في استدعاء نطقك ، ثم تمثل :
عجبت لإزراء العيي بنفسه |
|
وصمت الذي قد كان للقول أعلما |
وفي الصمت ستر للعييّ ، وإنما |
|
صحيفة لبّ المرء أن يتكلما |
أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان ، أخبرنا محمّد بن الحسن بن زياد النقاش أن عبد الله بن أحمد بن حنبل أخبرهم قال : أخبرنا أبي قال : سمعت أبا يوسف القاضي يقول : صحبة من لا يخشى العار عار يوم القيامة.
وأخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا أبو بكر النقاش أن عبد الله بن أحمد أخبره عن أبيه قال : سمعت أبا يوسف القاضي يقول : رءوس النعم ثلاثة ، فأولها نعمة الإسلام التي لا تتم نعمة إلا بها ، والثانية نعمة العافية التي لا تطيب الحياة إلا بها ، والثالثة نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا بها ، فأعجبني ذلك.
أخبرنا محمّد بن القاسم الأزرق ، أخبرنا محمّد بن الحسن المقرئ أن محمّد بن عبد الرّحمن السّاميّ أخبرهم ـ بهراة ـ قال : حدثنا علي بن الجعد قال : سمعت قاضي القضاة ـ يعني أبا يوسف ـ يقول : العلم شيء لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك ، وأنت إذا أعطيته كلك من إعطائه البعض على غرر.
أخبرنا العتيقي ، حدثنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أبو أيّوب سليمان بن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل الجلاب قال : قال لي إبراهيم الحربيّ : قال أبو يوسف : من أراد أن يتعلم الرأي فليأكل خبزا دبنا (٣) حتى يحرق كبده ، ولا يأكل التين والعنب قال إبراهيم : وقال من نظر في الرأي ولم يل القضاء فقد خسر الدنيا والآخرة (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) [الحج ١١ ، والزمر ١٥].
__________________
(٣) الدبنة : اللقمة الكبيرة (القاموس).