عليها بشر توجعا شديدا وبكى بكاء كثيرا فقيل له في ذلك فقال : قرأت في بعض الكتب أن العبد إذا قصر في خدمة ربّه سلبه أنيسه ، وهذه كانت أنيسي في الدنيا.
قلت : ذكر إبراهيم الحربيّ أن بشرا قال هذا يوم ماتت أخته مخة فالله أعلم.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، حدثنا أبو علي عيسى بن محمّد بن أحمد بن عمر الطوماري قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : كنت مع أبي يوما من الأيام في المنزل ، فدق داق الباب ، قال لي اخرج فانظر من بالباب؟ فخرجت فإذا امرأة قال قالت لي : استأذن لي على أبي عبد الله ـ يعني أباه ـ قال : فاستأذنته فقال أدخلها ، قال : فدخلت فجلست فسلمت عليه وقالت له : يا أبا عبد الله أنا امرأة أغزل بالليل في السراج ، فربما طفئ السراج فأغزل في القمر ، فعليّ أن أبين غزل القمر من غزل السراج؟ قال : فقال لها : إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبيني ذلك ، قال : قالت له : يا أبا عبد الله أنين المريض شكوى؟ قال : أرجو أن لا يكون شكوى ، ولكنه اشتكاء إلى الله. قال : فودعته وخرجت. قال : فقال لي : يا بني ما سمعت قط إنسانا سأل عن مثل هذا ، اتبع هذه المرأة فانظر أين تدخل؟ قال : فاتبعتها فإذا قد دخلت إلى بيت بشر بن الحارث ، وإذا هي أخته. قال : فرجعت فقلت له فقال : محال أن تكون مثل هذه إلا أخت بشر.
حدثني عبد العزيز بن أحمد الكتاني ، حدثنا عبد الوهّاب بن عبد الله المزني قال : سمعت أبا بكر الأحنف يقول : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل ـ ببغداد ـ يقول : جاءت مخة أخت بشر بن الحارث إلى أبي ، فقالت له إني امرأة رأس مالي دانقين ، اشتري القطن فأردنه فأبيعه بنصف درهم ، فأتقوت بدانق من الجمعة إلى الجمعة ، فمر ابن طاهر الطائف ومعه مشعل فوقف يكلم أصحاب المصالح ، فاستغنمت ضوء المشعل فغزلت طاقات ، ثم غاب عني المشعل فعلمت أن لله فيّ مطالبة ، فخلصني خلصك الله ، فقال لها أتخرجين الدانقين ، ثم تبقين بلا رأس مال حتى يعوضك الله خيرا منهما فقلت لأبي : يا أبة لو قلت لها لو أخرجت الغزل الذي أدركت فيه الطاقات ، فقال : يا بني سؤالها لا يحتمل التأويل ، ثم قال : من هذه؟ قلت مخة أخت بشر ابن الحارث ، فقال : من هاهنا أتيت.
أخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، حدثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الختلي ، حدثني أبو عبد الله القحطبي قال : كانت لبشر أخت صوامة قوامة.