والإيقاد : وضع الوقود وهو ما يزاد في النار المشتعلة ليقوى لهبها ، وأريد به هنا ما يمد به المصباح من الزيت.
وفي صيغة المضارع على قراءة الأكثرين إفادة تجدد إيقاده ، أي لا يذوى ولا يطفأ. وعلى قراءة ابن كثير ومن معه بصيغة المضي إفادة أن وقوده ثبت وتحقق.
وذكرت الشجرة باسم جنسها ثم أبدل منه (زَيْتُونَةٍ) وهو اسم نوعها للإبهام الذي يعقبه التفصيل اهتماما بتقرر ذلك في الذهن. ووصف الزيتونة بالمباركة لما فيها من كثرة النفع فإنها ينتفع بحبها أكلا وبزيتها كذلك ويستنار بزيتها ويدخل في أدوية وإصلاح أمور كثيرة. وينتفع بحطبها وهو أحسن حطب لأن فيه المادة الدهنية قال تعالى : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنون : ٢٠] ، وينتفع بجودة هواء غاباتها.
وقد قيل إن بركتها لأنها من شجر بلاد الشام والشام بلد مبارك من عهد إبراهيمعليهالسلام قال تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء : ٧١] يريد أرض الشام.
ووصف الزيتونة ب (مُبارَكَةٍ) على هذا وصف كاشف ، ويجوز أن يكون وصفا مخصصا ل (زَيْتُونَةٍ) أي شجرة ذات بركة ، أي نماء ووفرة ثمر من بين شجر الزيتون فيكون ذكر هذا الوصف لتحسين المشبه به لينجر منه تحسين للمشبه كما في قول كعب بن زهير :
شجت بذي شبم من ماء محنية |
|
صاف بأبطح أضحى وهو مشمول |
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه |
|
من صوب سارية بيض يعاليل |
فإن قوله ، وأفرطه إلخ لا يزيد الماء صفاء ولكنه حالة تحسنه عند السامع.
وقوله : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) وصف ل (زَيْتُونَةٍ). دخل حرف (لا) النافية في كلا الوصفين فصار بمنزلة حرف هجاء من الكلمة بعده ولذلك لم يكن في موضع إعراب نظير (ال) المعرفة التي ألغز فيها الدماميني بقوله :
حاجيتكم لتخبروا ما اسمان |
|
وأول إعرابه في الثاني |
وهو مبني بكل حال |
|
ها هو للناظر كالعيان |
لإفادة الاتصاف بنفي كل وصف وعطف على كل وصف ضده لإرادة الاتصاف بوصف وسط بين الوصفين المنفيين لأن الوصفين ضدان على طريقة قولهم : «الرمان حلو حامض». والعطف هنا من عطف الصفات كقوله تعالى : (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ)