بادئ الأمر ثم التفتت إلى الأوضاع الأخرى في حينها ... أو أنها نظرت للأمرين معا.
وكل آمالها مصروفة إلى محو البعض بالبعض تأمينا لحاكميتها وتأييدا لسلطتها وقهرها للأهلين. ولذا قامت بعد ذلك بوقائع تؤكد نواياها وتبين وضعها وسائر مطالبها وأغراضها نحو الأهلين. (١)
وأول ما رأته الحكومة من الشيخ فارس الجربا ـ عدا ما ذكر ـ وهو ما حدث سنة ١٢١٣ ه ـ ١٧٩٨ م زمن الوالي سليمان باشا الكبير فانها أرادت الوقيعة بابن سعود فجمعت كل ما استطاعته من قوة عشائرية وعسكرية فكان فارس الجربا بعشائره وكذا شيخ المنتفق بمن معه من قبائل ومحمد بك الشاوي وجماعات كثيرة جعلهم الوزير تحت قيادة علي باشا الكتخدا. إلا ان هذا لم يكن عارفا بالأمور الحربية ولم يسمع نصائح اكابر رجاله من رؤساء القبائل المتمرنين على حرب أمثال هذه خصوصا الجربا. وفي هذه الوقعة لم يسجل التاريخ سوى غارة على قبيلة السّبيع (٢) فغنم منهم ابلا وشاء. وفي هذه الغارة كان فارس وابن أخيه بنيّة بن قرينس غنموا ما غنموا وقتلوا من قتلوا من قبيلة السبيع وعادوا ولكن الكتخدا خذل في هذه الحروب وخسرت الحكومة خسائر فادحة لا تقدر ولو لا العشائر معه لدمّر شر تدمير. فانتهت بالصلح الظاهر والمغلوبية الحقيقية التامة ... (٣) وقد أوضحت هذه في موطنها من تاريخ العراق.
__________________
(١) راجع ما كتبته عن آل الشاوي في لغة العرب.
(٢) هذه القبيلة قحطانية في نجد والزعم بأنها مضرية غير صحيح ... وتتفرع إلى فروع عديدة. وجاء عنها في كتاب عشائر العرب للبسام ما نصه : «طائفة طافت أخبارها ، ورويت آثارها ، ملكت مقاليد المجد ، وأدركته بالهزل والجد ، يحمدهم الطارق ، ويحذرهم السارق ، أعلوا منار الفضل وشادوه ، وأنصفوا الضعيف على القوي حتى أسادوه ، أخلاقهم حميدة ، وآراءهم سديدة ...». ص ٣٧ وفروعها مذكورة في قلب جزيرة العرب.
(٣) مطالع السعود ص ١١٩.