جهال ، أو أنهم لم يتمكنوا من النطق بوجه الصحة فكتبوا كما لفظوا ، أو كما وصل اليهم ... وجل قصدنا مصروف إلى البيان الصحيح ، وتعيين وجه الاستفادة من هذه الآثار للوصول إلى ما نحاول بلوغه مع التنبيه إلى ما وقعوا فيه للتجنب منه ...
وغاية ما نقوله هنا أن المراجع التاريخية ـ وإن كانت كثيرة ـ قليلة المادة ولا نكتفي بواحد منها إذ لم نجد فيها من قصر موضوعه على البحث عن القبائل خاصة ، وتكلّم عليها بسعة وتفصيل. وهذه لا مجال لوصفها وإنما أقصر القول على المهم منها مما يتعلق بالعراق خاصة ولكن قبل الكلام على المراجع أقول إننا لم نجد مؤلفات عديدة عن القبائل في مختلف العصور وبصورة متوالية لنعلم العلاقات المستمرة بين عشائرنا الحاضرة والماضية ، ولنقف على الاشتقاق والتفرع في الأنساب ولنقطع في معرفة التجولات والتفرعات ، فالأسماء تغيرت ، وما شاهدناه من القبائل في موطن لمدة قد لا نجد له أثرا في الحاضر ، أو أن قسما منه هاجر إلى موطن آخر ولكن لا يعرف تاريخ هجرته وهكذا مما صعب المهمة ... فخفي علينا شيء كثير من أحوال العشائر تاريخيا لعدم الالتفات إلى تدوين وقائع مثل هذه إلا أن هذا يجب ألا يثبط العزم بل يدعو إلى البحث ، والتدوين بقدر الإمكان في مواصلة المراجع ، والآثار بلا كلل ولا ملل ، فيزيد المتأخر ما فات سابقه ...
أما كتب التاريخ فإنها كتبت لتدوين الحضارة الاسلامية وأثرها في النفوس والخلافة وما قامت به ، والملوك ووقائعهم ... وأما الحالة القبائلية فلم تتعرض لها إلا أحيانا ، وبصورة ضئيلة جدا لا تكشف عن حقيقة الوضع ، ولا هي وافية بالغرض وكل ما بحثت عنه أنها دوّنت أعمال الرجال الرسميين والوقائع الشاذة والغرائب فلم تبال بالمالوف المعتاد ولا اهتمت به بل قد نراها عديمة الفائدة فيما يتعلق بالعشائر كأن يقال تحارب فلان مع أمير العرب ولم يسمه (١) أو كما جاء في تاريخ المغول من أن
__________________
(١) ابن بطوطة في طريق الحج.