وقد يزيدون في كثير من الخصال والجمال الطبيعي ... فاذا تعشق البدوي ينطق ويستنطق ، وليس هناك ريبة ، ولا ارتياب ، بل قد يكون واسطة تحريك النفوس ، ولا يتجاوزون في الوصف الا اذا كان بطريق التعمية دون ذكر الاسم ، أو بيان ما يدفع الشبهة كأن يقول حبيبته في موطن بعيد يصعب الوصول اليه ، ويبدي حيرته في عظم الشقة .. ليبعد سامعيه عن مراميه ...
يحكون أشبه ما هو معروف بالروايات ، وتصوير حوادث أشبه بحادث المتجردة ، أو يصف ما جرى بينه وبين محبوبته كأنه واقعي ، وهناك الاستجواب والحوار ولا يستطيع أحد أن يصرح باسم وانما يعد هذا عيبا كبيرا ويؤدي إلى نتائج وخيمة ... فهذا سالم بن عبيد الرشيد يصف وصفا لا يقل عن شعر عمر بن ابي ربيعة قال :
البارحة (١) يوم الكبابيل نعوسي |
|
وخليف ساهر والمخاليج غافين |
لكيت غرو (٢) دالع باللبوسي |
|
كالت لغيري ، كلت انتي تسدين |
كالت اصيحن كلت منتي عروسي |
|
والله لصيحن لو بغيتي تصيحين |
كالت يجونك كلت ماني نسوسي (٣) |
|
أله يحكم ابليس وانتي تشوفين |
كالت تعلمّ كلت ماني بلوسي (٤) |
|
وعلى العلم يا بنت ما حدني شين |
ومثل هذا حكاية أخرى لشمري يصف بها امرأة ، ولا تعدو التصوير قال :
غاب الحليل وشفت بالترف ميلاح |
|
وجيت اتخطى جن أهلها نسابه |
كالت تهلع لا رهج النزل بصياح |
|
ماني من اللي بالردى ينهكى به (٥) |
كمت اتبطح له واديره بالمزاح |
|
لان الحبيب وكام يضحك بنابه |
__________________
(١) بتسكين تاء التانيث في غالب الاسماء.
(٢) كاعب حسناء.
(٣) نسوسي ـ خائف ، وأله ـ الا. ان
(٤) بلوسي صاحب نميمة.
(٥) تكلع ـ ول ، ارهج ـ اعيط ، ينهكى ـ يؤمل.