النظام في ٢٨ ـ ٨ ـ ١٩٢٤ ، ولم يحصل فيه إلا تعديل طفيف في ١ ـ ٦ ـ ١٩٣٣ واستمر العمل بموجبه إلى اليوم ، فكان غير مرضي في وضعه ، ومنفورا في كثير من أحكامه ... وأكثر ما يؤخذ عليه النظر في احكام المواد الشخصية (الأحكام الشرعية المتعلقة بالأحوال الشخصية) ، والحال ان هذه لم يدخلها العرف ، وليس فيها ما يخالف الشرع ، وقد اعتادت القبائل البدوية جمعاء ان تسير في المواد الشخصية وفق احكام الشرع ، ولم تخالف ذلك في زمن من الأزمان ، واعطاء السلطة في هذه إلى مجالس التحكيم يقصد منه تبعيد البدو عما اعتادوه من مراعاة النظام الشرعي ، وايجاد عرف جديد يبعدهم عما ألفوه من الأحكام الشرعية مع ان القصد تقريبهم تدريجيا إلى النظام والقانون والتدخل في أمرها ينافي المعتاد من زمن بعيد جدا هذا فيما سوى النهوة وما ماثلها كالتعدي على العفاف ... وفي الوقائع الفردية بين رجال القبيلة الواحدة ... أو ما يتعلق بأمور تافهة لا تشترك فيها القبيلة ، ولا تهدد سلامتها ، ولا يحتاج فيها إلى نظام العشائر.
هذا وكنت قد قلت كلمتي حول هذا النظام بما ملخصه :
«لا تزال قضايا العشائر من كافة نواحيها معضلة كبرى ، صعبة الحل ، معقدة الموضوع ... تتعلق بأكثرية ساحقة من مجموع نفوس العراق ، فلا يصح ان نتغافل عنها ، أو نهمل الالتفات اليها دون ان نلاحظ شؤونها ، ونتبصر في سائر احوالها سواء في اجتماعياتها ، او ادارتها وثقافتها ، وتأمين تهذيبها ، وملاحظة معايشها وراحتها ، واقامة العدل بين مجموعاتها وافرادها في كافة ربوعها ... مما يجب الاهتمام به ؛ واستطلاع آراء الخبراء من كل صوب في موضوعه حتى تستقر المعرفة ، ويتبين وجه الاصلاح وطريق حسن الإدارة ... الا اننا للآن لم نظفر ببغية ، ولا شاهدنا تقدما في الحالة ، فالقوم لا يزالون على ما كانوا عليه ..
وقضية حسم النزاع بين افراد القبائل موضوع صغير من تلك الأمور ولكنه له مكانته ، وأثره في النفوس ، لأن النزاع ظاهرة تلك المجتمعات ، وعنوان روحيتها ومطالب خلاف أفرادها وجماعاتها ... التفتنا إلى حل