من المسيحيين مشركون في مجال المغفرة. فقد فوضت الطائفتان حق الشفاعة إلى بعض عباده سبحانه وعزلوه عن حقه ومقامه.
توضيح ذلك : إنّ هناك آيات تخص الشفاعة بالله لا يشاركه فيها غيره مثل قوله سبحانه : (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (١).
وقوله سبحانه : (قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢) وغير ذلك من الآيات.
غير أنّ بعض المشركين كانوا يعبدون الأصنام معتقدين بأنّ الشفاعة حق مطلق لهم ، وأن الله فوّض ذلك الحقّ إليهم يقول سبحانه : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْوَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣) وقال سبحانه : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ)(٤).
فهاتان الآيتان تردان على المشركين بأنّ الأصنام لا تملك شيئا ، فكيف تشفع لهم؟! وقد أبطل سبحانه هذه المزعمة بصور مختلفة قال سبحانه : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (٥) وقال: (وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٦). فهذه الآيات التي مرّت عليك تخصّ حق الشفاعة بالله سبحانه وتسلب عن الأصنام حقّها. فمن زعم أنّ الشفاعة على وجه الملكيّة التامة بيد المخلوق فهو مشرك.
__________________
(١) سورة الأنعام : الآية ٥١.
(٢) سورة الزمر : الآية ٤٤.
(٣) سورة يونس : الآية ١٨.
(٤) سورة الزّمر : الآية ٤٣.
(٥) سورة الانفطار : الآية ١٩.
(٦) سورة البقرة : الآية ١٦٦.