كالدليل على تلك الإحاطة العلمية ، فبما أنّه يسع وجوده كل مكان وجهة ، فهو عالم بكل ما يحويه المكان والجهة.
ومثل هذا لا يمكن أن يكون جسما ، لأنّ كل جسم إذا حواه مكان خلا منه مكان آخر.
٣ ـ قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١).
لمّا أمر سبحانه بالتوجه إلى القبلة ـ وربما أوهم ذلك أنّ الله في مكان يستقر فيه ـ دفعه سبحانه بقوله : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أي لا يخلو مكان عن ذاته ووجوده.
فالمراد من الوجه هنا هو الذات ، قال ابن فارس : «وربما عبّر عن الذات بالوجه قال:
أستغفر الله ذنبا لست محصيه |
|
ربّ العباد إليه الوجه والعمل» (٢) |
ولا ينحصر تفسير الوجه بالذات بهذه الآية بل هو كذلك في الآيتين التاليتين :
١ ـ قوله سبحانه : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٣).
٢ ـ وقوله سبحانه : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٤).
والدليل على أنّ الوجه في هاتين الآيتين بمعنى الذات ، لا العضو المخصوص ، واضح.
أمّا الآية الأولى ، فلأنّه سبحانه بصدد بيان أنّ كل شيء يهلك ويفنى
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١١٥.
(٢) المقاييس ، ج ٦ ، ص ٨٨ ، مادة «وجه». وغيره من المعاجم.
(٣) سورة القصص : الآية ٨٨.
(٤) سورة الرحمن : الآية ٢٧.